سعاد ياي تكتب : تطور أعمال تعليم اللغة العربية في الصين
مقال رصين من الاعلامية الصينية سعاد ياي التي تجيد اللغة العربية بطلاقة عن ” العدد المتزايد من الطلاب الصينيين الذين يفضلون تعلم اللغة العربية في جميع أرجاء الصين. وبسبب الاختلافات الموجودة بين اللغتين الصينية والعربية في نطق الحروف والقواعد اللغوية وغيرها من المجالات، يواجه الطلاب الصينيون دائما صعوبات عديدة في تعلم اللغة العربية,فما الذي يدفع المزيد من الصينيين لتعلم اللغة العربية؟
بقلم سعاد ياي شين هوا
تُعتبر اللغة العربية من أصعب اللغات في العالم، لكن، هناك عدد متزايد من الطلاب الصينيين الذين يفضلون تعلم اللغة العربية في جميع أرجاء الصين. وبسبب الاختلافات الموجودة بين اللغتين الصينية والعربية في نطق الحروف والقواعد اللغوية وغيرها من المجالات، يواجه الطلاب الصينيون دائما صعوبات عديدة في تعلم اللغة العربية,فما الذي يدفع المزيد من الصينيين لتعلم اللغة العربية؟
إذا عدنا إلى التاريخ نجد أن السجلات التاريخية الصينية تشير إلى أن أول بعثة أرسلته الامبراطورية العربية الإسلامية إلى الصين كانت في سنة 651م أي في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وتلتها بعثات عديدة لم تنقطع لمئات السنين، ومن أجل تعليم اللغة العربية لأبناء الجاليات العربية والصينيين الذين اعتنقوا الإسلام حديثا، بدأ تدريسها في المساجد في عصر أسرة تانغ الملكية ( 618 – 907 م)، لذا يمكن القول إن دراسة اللغة العربية بدأت في الصين منذ أكثر من ألف سنة.
وعندما نتحدث عن تعليم اللغة العربية في الجامعات الصينية، يجب علينا أن نذكر اثنين من الأساتذة والباحثين الصينيين الرواد في هذا المجال، وهما العالمان المسلمان الأستاذ المرحوم محمد مكين من جامعة بكين، وزميله الأزهري الأستاذ المرحوم عبد الرحمن ناجون من جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. لقد أمضى محمد مكين عشرات السنين من عمره في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الصينية، وأشرف على تأليف أول معجم عربي صيني.
أما عبد الرحمن ناجون فقد اشتهر بدراسته للتاريخ والحضارة العربيين، إذ ألف “تاريخ العرب”، وترجم العديد من الكتب الثقافية الكلاسيكية العربية، وفي عام 2001، حصل على “جائزة الشارقة للثقافة العربية” الممنوحة من قبل منظمة اليونسكو، التي تبرع بها الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة.
ورغم رحيل العالمين العظيمين، فإن الإسهامات الكبيرة التي قدماها ستظل خالدة في تاريخ دراسة اللغة العربية في الصين.
وبفضل المجهودات الضخمة التي بذلها العلماء البارزون في مجال الدراسات العربية بالصين، شهد تعليم اللغة العربية في أنحاء البلاد تطورا متواصلا، ففي أوائل القرن الحالي، كان هناك أقل من 10 جامعات ومعاهد تدرس فيها اللغة العربية، ويقع معظمها في بكين وشانغهاي وغيرهما من المدن الكبرى، إلا أن عددها يبلغ الآن حوالي الخمسين.
ولم ينحصر تعلم اللغة العربية في الجامعات الصينية فقط، بل هناك مستويات أخرى لتدريسها في الوقت الحاضر، ومنها معاهد العلوم الإسلامية في بعض المناطق الصينية التي يدرس فيها الطلاب المسلمون العلوم الإسلامية واللغة العربية. ومنذ تسعينيات القرن الماضي ومع تطور الاقتصاد الصيني وزيادة الانفتاح على العالم الخارجي، كثر التبادل الاقتصادي والتجاري بين المناطق الصينية المختلفة والدول العربية، حيث أقيم معرض الصين والدول العربية، ومنتدى التعاون الصيني العربي وغيرهما من المؤتمرات والفعاليات والمنتديات المهمة بين الطرفين، وخاصة في عام 2013، حيث طرحت الصين “مبادرة الحزام والطريق”، ما عزز بصورة كبيرة التعاون والتبادلات بين الصين والدول العربية الواقعة على امتداد الحزام والطريق.
وحتى أوائل عام 2019، بلغ عدد الدول العربية التي وقعت مع الصين على اتفاقيات تعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق” 18 دولة، ما يوفر المزيد من فرص العمل للخريجين في تخصصات اللغة العربية، ولا سيما أن العديد من الوظائف المتعلقة بمجال التعاون والتبادلات بين الصين والدول العربية يمكنها أن تقدم للعاملين بها دخلا جيدا، الأمر الذي يعتبر دافعا قويا للمزيد من الطلاب الصينيين في اختيار تعلم اللغة العربية مثل تخصصاتهم الجامعية.
ويشهد التعاون والتبادلات بين الصين والعالم العربي تقدما متواصلا. ونحن على ثقة راسخة أن آفاق التعاون بين الجانبين ستزداد إشراقاً، وسيكون هناك تطور مستمر ومستقبل واعد أمام أعمال تعليم اللغة العربية في الصين ، بما يعزز التفاهم والتعارف بين الشعب الصيني والشعوب العربية.