2025-05-20

الجزء الثالث : “سونغ جيانغ ” بشنغهاي تعزز التكامل بين الصين والدول العربية بدعم من منتدى الاصلاح والتنمية … (3 من 4)

الجزء الثالث من تغطية المنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية الدورة الخامسة 2025.

شنغهاي:عبدالوهاب جمعه

خلف الارض المعشوشبة التي تمزج بين سكون الريف وصخب المدن الحضرية، وعلى أرض “سونغ جيانغ” التي تعتبر الجذر الثقافي لشنغهاي

انعقد الدورة الخامسة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية في  دورته الخامسة في شنغهاي من  18   الى الـ20  ابريل من عام 2025

اختيرت المنطقة بعناية لقيام المنتدى  فـ “سونغ جيانغ” ليست مجرد مدينة عتيقة ذات جذور ضاربة في التاريخ وانما هي أول إدارة على مستوى المقاطعة في شنغهاي الحديثة. حيث تعد سونغ جيانغ نقطة الارتكاز المهمة والمحرك المهم للاستراتيجية الوطنية للتكامل الأعلى الجودة لدلتا نهر يانغتسي ووادي الابتكار العلمي والتكنولوجي.

“آفاق جديدة”

استهدف المنتدى تعزيز تبادل الخبرات بين الصين والدول العربية بشأن الإصلاح والتنمية والحكم والإدارة

جاء المنتدى تحت  عنوان :” تنفيذ  مبادرة التنمية العالمية والدفع بتقدم التعاون الصيني العربي نحو آفاق جديدة”  باستضافة مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية وحكومة منطقة سونغ جيانغ الشعبية بمدينة شنغهاي وتحت رعاية وزارة الخارجية الصينية

 ارتكز المنتدى على محورين: تقاسم المستقبل من خلال التنمية المدفوعة بالابتكار وحشد قوة جديدة لبناء التحديث وتمكين التنمية من خلال التجارة والاستثمار وفتح آفاق جديدة للانفتاح العالي المستوى”.

 حضر المنتدى المسؤولون والخبراء والباحثون في مجالات الابتكار والاقتصاد والتجارة والاستثمار، وممثلو مؤسسات الاستثمار من الصين والدول العربية.

“تقاسم المستقبل”

ركز المنتدى الفرعي الأول على مسالة “تقاسم المستقبل من خلال التنمية المدفوعة بالابتكار وحشد قوة جديدة لبناء التحديث واشرف عليه السفير السوداني السابق لدى الصين وباحث في مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية جعفر کرار.

وقالت شذر الزنتاني مستشار وزير الاقتصاد والتجارة ان الطريق والحزام ليس مجرد سلع وانما جسور حضارية عبر الابتكار والاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة.واكدت ان الثروة الحقيقة هي التنمية المدفوعة بالابتكار.

وقال كريم بن كحلة  أستاذ في المدرسة العليا للتجارة وعضو وخبير في المجلس التونسي للعلاقات الدولية بتونس أن للعرب امكانيات هائلة لكن مساهمة البحث العلمي هي الاقل مشيرا الى اختلالات هيكليلة في البحث العملي العربي نتيجة عوامل متعددة منها نقص الكوادر وهجرة العقول وضعف الانفاق على البحث العلمي

واكد ان بناء مجتمع المرعفة ليس خيار وانما ضرورة حتمية مشيرا الى اهمية التعاون مع مبادرة الطريق والحزام

“عصر التغير الكبير”

وقال الباحث في معهد شنغهاي للدراسات الدولية لي ويجيان ان العالم اليوم “يعيش عصر التغير الكبير”مشيرا الى التحول في النظام الدولي بتغييرات عميقة.

واكد ان هدف الرئيس الامريكي ترامب جعل الدول  تتفاوض مع الولايات المتحدة واجبارها على توقيع اتفاقيات لصالح الولايات المتحدة فقط.

وقال ان الدول العربية لديها الرغبة في تسريع نقل التكنولوجيا لمواجهة الصدمات في المنطقة واكد ان التعاون بين الصين والدول العربية يتطلب تسريع التعاون في مجال التحديث بطريقة مشتركة.

“الثقافة حاضنة الابتكار”

قال عبدالرحمن مرشود  مدير وحدة الدراسات الثقافية لمركز البحوث  والتواصل المعرفي إنه أصبح واضحا اليوم اننا في عالم متغير بوتيرة متسارعة مشيرا الى أن التنمية المستدامة لن تكتمل الا ببعد ثقافي يعزز الابتكار والإبداع.

وأكد على أن الثقافة حاضنة للابتكار ومصدر للالهام للحلول  موضحا أن التعاون الثقافي بين الدول لم يعد مجرد تبادل وانما هو “إطار للتفاعل المعرفي الذي ينتج مساحات جديدة للتكامل”.

وقال أن الثقافة حين تنفتح على الآخر تكون أكثر مرونة وتلهم قطاعات الاقتصاد الإبداعي الذي أصبح احد محركات النمو العالمي ويوفر فرص العمل ويعزز القيمة المضافة.

وقال أن العلاقات السعودية الصينية تمثل أكثر الشراكات دينامية في العالم واسستها رؤية المملكة 2030  التي فتحت المجال أمام التنوع الاقتصادي والاستثمار في القطاعات غير النفطية والتكامل مع الشركاء الدوليين واضاف:” الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة، والسعودية المورد الأكبر للطاقة للصين”.

وقال انه مع توسع العلاقات في مجال التقنية والصناعات الحديثة والطاقة المتجددة والذكاء الصناعي فإن هذا التوسع يتطلب بيئة من الثقة والتفاهم.

واضاف:” بيئة لا يمكن أن تبنى فقط عبر العقود والاتفاقيات وانما عبر الجسور الثقافية التي تمكن الشعوب من التواصل وتكوين ادراك مشترك لهوية العلاقة” مؤكدا ان هذا احد الركائز التي اعتنقها مركز البحوث والتواصل المعرفي بالرياض.

وقال ان المركز حمل راية الاسهام في ترجمة المؤلفات وإجراء الدراسات وتنظيم الفعاليات الثقافية مشيرا الى المركز من اوائل المتفاعلين مع دخول العام الثقافي السعودي الصيني  كمبادرة نوعية تعمق التفاهم وتعزز الثقافة الشعبية.

واكد أن العام السعودي الصيني لا يحتفل به كرمزية بل كمنصة عمل وحاضنة لمشاريع التعاون والإبداع .

وقال ان المملكة كانت ضيف الشرف في معرض بكين الدولي للكتاب في 2024 وتستعد الصين لتكون ضيف الشرف في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 وهي خطوة في مبدأ التبادل التكاملي.

“بداية الرحلة من السعودية”

قالت تشن بيبي من شركة شنت الدولية إن هذا المنتدى استراتيجي متميز، مشيرة الى انه يجمع بين التخطيط التنموي الصيني والعربي. 

واوضحت ان مجموعة شنت تأسست عام 1984في مدينة ونتشو تشجيانغ واضافت :” اصبح الشركة اليوم رائدة عالمياً في توفير حلول أنظمة الطاقة الذكية” مشيرة الى انه على مدى 40 عاماً ركزت المجموعة على ثلاثة محاور رئيسية الطاقة الخضراء، الكهرباء الذكية والتقنيات منخفضة الكربون. 

وقالت ان الشركة تغطي سلسلة صناعة الطاقة بالكامل من التوليد والنقل إلى التخزين والتوزيع عبر منتجات مثل الأنظمة الكهروضوئية،أنظمة تخزين الطاقة، المعدات الذكية للشبكات، العدادات الرقمية، حلول الإدارة الرقمية للطاقة، واكدت ان الشركة تستثمر ايضا في تقنيات ناشئة مثل طاقة الهيدروجين.

وكشفت أن حجم أعمال الشركة بلغ 25 مليار دولار في عام   2023 ، بينما بلغ عدد الموظفين اكثر من  (50) الف عامل وموظف. مشيرة الى المجموعة لديها اربعة شركات مدرجة وتمتلك اكثر من (10) آلاف براءة اختراع، لافتة الى  وجود عالمي للشركة  في أوروبا، آسيا، أمريكا اللاتينية، الولايات المتحدة، والعالم العربي. 

وقالت ان وجود الشركة في المنطقة العربية بدأت رحلته  في السعودية عام 2005، مشيرة الى  14 فرعا للشركة في المنطقة. باكثر من (40) مشروع بجانب مراكز بحث وتطوير في السعودية، دبي، ومصر. 

واكدت ان الشركة تتعاون مع كيانات كبرى مثل الشركة السعودية للكهرباء وشركات الغاز والمياه والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. 

“دعم رؤية السعودية 2030”

واكدت تشن بيبي من عقد شراكات استراتيجية  وتوقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة السعودية لدعم رؤية 2030 في تحول الطاقة. بجانب بمشاريع رائدة مثل  أكبر محطة طاقة شمسية بسعة  1.8 جيجاوات في دبي، وتقديم حلول ذكية لتوزيع الطاقة في السعودية ومصر. 

واوضحت ان رؤية الشركة المستقبلية تعزيز البنية التحتية لدعم التحول الرقمي والطاقي في الدول العربية. ونقل التكنولوجيا الصينية المتقدمة عبر التعاون مع الحكومات والجامعات. وتعزيز الشراكة الصينية-العربية في مشاريع البنية التحتية وتحسين جودة الحياة. 

واضافت : “نؤمن بأن الصين والعرب شركاء مثاليون في التحول نحو الطاقة النظيفة، ونحن مستعدون لمواصلة هذا الدرب معاً. 

“إنفتاح مؤسسي”

قال وانغ تشنغ الباحث بمعهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي بوزارة التجارة الصينية  ان لهم تجربة عمل في عدة دول عربية.

وشارك رؤيته حول التعاون الاقتصادي الصيني-العربي بالقول: ”  أود مشاركتكم بعض الأفكار حول تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية، وتعزيز الانفتاح على المستوى العالي”.

واكد انه في ظل التحولات الحالية في العولمة الاقتصادية، إذا نظرنا إلى الوراء، سنرى أن الصين والدول العربية كانا جزءًا من نظام التبادل الاقتصادي والتجاري الفعّال منذ قرون، خاصة في مناطق مثل جنوب آسيا وآسيا الوسطى، مشيرا الى  هذا النظام كان بمثابة “نموذج أولي للعولمة الاقتصادية”، مما يؤكد أن الصين والدول العربية ليستا فقط مشاركين في العولمة المبكرة بل أيضًا مصممين لنظامها. 

وقال انه في مواجهة التحديات الحالية، نرى أن تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية كدول نامية هو أمر حيوي. واضاف:”  يجب علينا تعزيز التجارة والاستثمار الثنائي والانفتاح المؤسسي رفيع المستوى والمساهمة في الحفاظ على نظام اقتصادي عالمي عادل وشامل.

ودعا لمحركات التعاون رفيع المستوى حيث تكمن القوة الدافعة الرئيسية لهذا التعاون في الانفتاح المؤسسي وابتكار القواعد والتحول نحو الاقتصاد الرقمي والبنية التحتية الذكية والتكامل العميق في سياسات التنمية. 

مشيرا الى انه حاليا تبني الصين مناطق التجارة الحرة وتطبق إصلاحات في قانون الاستثمار الأجنبي، بينما تقوم العديد من الدول العربية بإصلاحات ضريبية وتشريعية لتحسين بيئة الأعمال

واكد أن هذا التقارب في سياسات الانفتاح سيعزز التعاون المستقبلي.  واشار الى آفاق المستقبل والتي تتمثل في ضرورة أن يتجاوز التعاون الصيني-العربي تبادل السلع إلى الطاقة الخضراء وسلاسل التوريد منخفضة الكربون والتكنولوجيا الرقمية والابتكار المشترك بجانب البنية التحتية المتكاملة والتصنيع المشترك وتوطين سلسلة القيمة والتمويل المستدام وربط الأسواق المالية. 

وختم كلمته بان التعاون بين الصين والدول العربية ليس فقط لتحقيق منفعة اقتصادية، بل أيضًا لبناء ثقة استراتيجية وشراكة شاملة تدعم النظام الاقتصادي العالمي الجديد. 

” الطاقة:خلق فرص جديدة”

وقال بروفيسور ليو هونغ جون، معهد شنغهاي للحوكمة العالمية  أن الدول العربية تواجه تحديات كبيرة بسبب تغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه. 

واكد أن الصين لديها تقنيات متقدمة في الطاقة النظيفة، مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية، ويمكنها دعم الدول العربية في تحقيق أهدافها الخضراء مشيرا الى ضرورة تعميق التعاون في تدريب الكوادر ونقل التكنولوجيا لضمان تنمية مستدامة.

 وقال مهندس أول لمعهد بحوث الاقتصاد والتكنولوجيا التابع لمؤسسة البترول الوطنية الصينية لي بوهيوان ان التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة هو حجر الزاوية للعلاقات الثنائية مشيرا الى ان 45% من نفط الصين المستورد يأتي من الدول العربية، واكد أن المشاريع المشتركة في الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي تخلق فرصًا جديدة. وقال ان الهدف تعزيز الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية من خلال شراكة مربحة للجانبين. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *