سور الصين العظيم و “التنمية عالية الجودة”، يعكسان روح الصين وقدرتها على الابتكار والتكيف مع التحديات

بقلم : عبدالوهاب جمعه
في الطريق الى زيارة ومشاهدة سور الصين العظيم فان البنية التحتية والخدمات تشير الى ان التنمية في الصين هي منجز حضاري يشيده الابناء على غرار مافعله الاسلاف في بناء سور الصين العظيم.
ومن اعلى سور الصين العظيم تظهر براعة اسلاف الصينين في بناء السور لكن في الوقت نفسه تظهر ملامح التنمية الصينية الحديثة من طرق وجسور وقطارات اسفل السور.
يعد سور الصين العظيم أحد أشهر المعالم الأثرية والتاريخية في العالم، وأطول بناء في التاريخ على الإطلاق.
يمتد السور عبر شمال الصين، ويبلغ طوله الإجمالي حوالي 21,196 كيلومترًا
بنى السور على مراحل وعلى مدى اكثر من عشرة قرون الى ان اكتمل خلال عهد اسرة مينغ .في الحقيقة السور ليس جدارًا واحدًا متصلًا، لكنه يتكون من عدة أجزاء بنيت في فترات زمنية مختلفة.

يعتبر سور الصين العظيم واحدًا من أهم الوجهات السياحية في العالم، حيث يزوره ملايين السياح سنويًا.
سور الصين العظيم ليس فقط رمزًا للقوة العسكرية الصينية القديمة، بل أيضًا إنجاز هندسي مذهل يعكس براعة الحضارة الصينية.
عظمة تشييد سور الصين العظيم تذكرنا الآن بالتحديث الصيني النمط والتنمية عالية الجودة، وهذا ما لمسته خلال زيارتي لسور الصين العظيم ضمن مجموعة من الصحفيين الاجانب يزورون الصين.
فاذا كان سور الصين العظيم رمزا لقوة الصين وقدرتها على التنظيم والدفاع عن نفسها حيث كان الهدف الأساسي من بناء السور حماية الحدود الشمالية للصين من الغزوات القبلية وهو مما يعكس رؤية استراتيجية طويلة المدى وقدرة على تنفيذ مشاريع ضخمة.
فان تلك الرؤية الصينية الاستراتيجية القديمة نجدها اليوم في العصر الحديث.
يمكن رؤية هذه الروح نفسها في تنمية الصين السريعة والمستدامة. فالصين اليوم تتبنى مشاريع عملاقة في البنية التحتية، مثل مبادرة “الحزام والطريق”، التي تهدف إلى تعزيز التجارة والربط بين القارات، مما يعكس رؤية استراتيجية مماثلة لتلك التي كانت وراء بناء السور.
بالإضافة إلى ذلك تعمل الصين على تعزيز قدراتها التكنولوجية والصناعية، مما يجعلها واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم.
تعد الشخصية الصينية متفردة في قدرتها على التخطيط و الانجاز والعمل. ونجد ذلك يتجسد في سور الصين العظيم حيث القدرة على التخطيط الاستراتيجي والإصرار على تحقيق الأهداف الكبرى. وتلك الروح لا تزال نراها حية في سياسات التنمية الحديثة للصين، مما يجعلها قوة عالمية مؤثرة في القرن الحادي والعشرين.
سور الصين العظيم والتنمية الصينية الحديثة كليهما يعكسان روح الصين وقدرتها على الابتكار والتكيف مع التحديات.
سور الصين العظيم يرمز إلى الحماية والوحدة، وهي قيم تعززها الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الحديث من خلال تعزيز التنمية الشاملة وحماية السيادة الوطنية.
واذا كان سور الصين العظيم يمثل الإرث التاريخي للصين، فان الاشتراكية ذات الخصائص الصينية تمثل التطور الحديث للصين تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، وكلاهما يسهم في تشكيل الهوية الوطنية الصينية.
ربما لا اجد عبارة اليوم يمكن ان تصف الصين بصورة شاملة سوى “التنمية عالية الجودة” و” التحديث الصيني النمط” لكن تلك العبارات تظهر في سور الصين العظيم حيث السور يعزز الفخر الوطني والهوية الثقافية، وهو ما يمكن أن يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية والدعم للسياسات التنموية الحديثة.
هناك ارتباطات وروابط كثيرة بين سور الصين العظيم والتحديث الصيني النمط والتنمية عالية الجودة وذلك يظهر في جذب السور لملايين السياح سنويًا، مما يساهم في الاقتصاد المحلي ويعزز قطاع السياحة، وهو جزء من الجهود الصينية لتحقيق تنمية مستدامة وعالية الجودة.
يمكن ان نرى ذلك ايضا في جهود الصين للحفاظ على السور والتي تعكس اهتمامها بالتوازن بين التطور الحديث والحفاظ على التراث، وهو مبدأ مهم في التنمية عالية الجودة.
لكني اعتقد أن سور الصين العظيم ليس مجرد بناء من الحجر والخشب وانما هو رمزية لـ” الإصرار والعمل الجماعي” وهي قيمة رفيعة في الشخصية الصينية تلهم الشعب الصيني في تحقيق أهداف التنمية الطموحة التي نجدها تظهر في الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.