2024-11-03

الصين ودول الآسيان تجني ثمار التنمية عالية الجودة من خلال تعاون الحزام والطريق

اقتصاد ميناء شحن

بكين :المشهد الصيني

سيشارك رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ في القمة الـ27 بين الصين والآسيان والقمة الـ27 للآسيان زائد ثلاثة وقمة شرق آسيا الـ19 في العاصمة اللاوسية فينتيان اعتبارا من اليوم (الأربعاء)، وسيقوم بزيارة رسمية إلى كل من لاوس وفيتنام.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى تحقيق تنمية عالية الجودة ودفع التحديث، فإنها تقدم زخما جديدا للنمو لجيرانها الذين تربطها معهم الجبال والأنهار، ولا سيما من خلال تعاون الحزام والطريق مع تسليط الضوء على التنمية المشتركة.

وقال خبراء إن زيارة لي المرتقبة إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) من المتوقع أن توطد العلاقات الثنائية وتعزز تعاونا أعمق وأكثر جوهرية وتحسن التبادلات الشعبية، مما سيزيد من تحفيز السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة.

— تعزيز الترابط

لاوس بلد غير ساحلي في جنوب شرق آسيا. وتشكل مناظرها الطبيعية، التي تغطيها إلى حد كبير الجبال الوعرة والهضاب العالية، حواجز طبيعية أمام النقل الفعال، مما يعوق تنمية البلاد وتحسين معيشة الناس.

وساعد خط السكة الحديدية الصيني-اللاوسي في تحويل مشكلة البلاد إلى فرصة للنمو، وتحويل لاوس إلى مركز بري في شبه الجزيرة الهندية الصينية.

ويربط خط السكك الحديدية الذي يبلغ طوله 1035 كيلومترا، وهو مشروع أيقوني ضمن مبادرة الحزام والطريق، كونمينغ في مقاطعة يوننان بجنوب غرب الصين بفينتيان.

بعد قرابة ثلاث سنوات من التشغيل، تعامل خط السكك الحديدية مع أكثر من 10 ملايين طن من البضائع المستوردة والمصدرة بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 5.7 مليار دولار أمريكي، مع توسع أنواع البضائع من 500 نوع في البداية إلى أكثر من 3000، وفقا للبيانات الرسمية.

منذ أن أطلق خط السكك الحديدية خدمة الركاب الدولية في أبريل 2023، نقل أكثر من 222 ألف مسافر عبر الحدود حتى أوائل يوليو من هذا العام، مما وفر تجربة ميسورة التكلفة ومناسبة ومريحة للمسافرين.

وقال داوفون فاشانثافونغ، نائب الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة والصناعة الوطنية في لاوس، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن خط السكك الحديدية الصيني اللاوسي “عزز الترابط الإقليمي وضخ الحيوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على طول الخط”.

وتمتعت فيتنام، جارة لاوس، بترابط معزز ولوجستيات أكثر كفاءة من التعاون في مجال البنية التحتية مع الصين أيضا، والذي يشمل البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق السريعة والموانئ.

وتعد قطارات الشحن بين الصين وفيتنام خير مثال على ذلك. ومنذ إطلاقها في نوفمبر 2017، عززت الخدمة بشكل كبير حركة الشحن السريعة بين البلدين وإلى جنوب شرق آسيا كذلك.

وقالت دو ثي ثو، كبيرة المحاضرين في الأكاديمية المصرفية في فيتنام، إن “الصين تتمتع بنقاط قوة في مجالات رأس المال والتكنولوجيا والخبرة في بناء البنية التحتية، بينما تحتاج فيتنام إلى تطوير البنية التحتية في مجالات النقل والطاقة والمناطق الحضرية”.

— تنمية مزدهرة عالية الجودة

لقد فتح بناء البنية التحتية آفاقا أوسع للتعاون العملي بين الصين ودول الآسيان في مجموعة متنوعة من المجالات، ليدفع بذلك النمو الاقتصادي الأقوى والتبادلات الأوثق والتنمية عالية الجودة.

تعد الصين أكبر مستثمر أجنبي في لاوس. وقد مول جزء كبير من الاستثمار البنية التحتية ومناطق التنمية، فضلا عن خطوط نقل الطاقة ومحطات الطاقة الكهرومائية، الأمر الذي وفر العديد من فرص العمل للسكان المحليين ودفع التحديث الصناعي في لاوس إلى الأمام.

وذكر داوفون أن لاوس ترى إمكانات هائلة لزيادة تعميق التعاون مع الصين في مجالات مثل الزراعة والسيارات الكهربائية والشاحنات والكهرباء والتعدين والطاقة الشمسية والسياحة وكذلك الفنادق والمطاعم.

وتعتبر الزراعة هي الدعامة الأساسية لاقتصاد لاوس. وتصدر لاوس الموز والمطاط والكاسافا وقصب السكر وغيرها، فيما تعد الصين أكبر مشتر.

وعلى مر السنين، تعاونت الشركات الصينية مع حكومة لاوس في مجال علوم وتكنولوجيا الزراعة الاستوائية، وتسعى لاوس إلى تعزيز الإنتاج الزراعي المستدام وزيادة الصادرات إلى الصين من خلال خط السكة الحديدية الصيني اللاوسي.

وفي الوقت نفسه، تعتبر فيتنام أكبر شريك تجاري للصين داخل الآسيان، وكانت الصين أكبر شريك تجاري لفيتنام منذ عام 2004. وتجاوز الحجم السنوي للتجارة البينية 200 مليار دولار أمريكي لثلاث سنوات على التوالي.

وقالت دو، الباحثة المقيمة في هانوي، إن “المشاريع التعاونية الكبيرة بين فيتنام والصين في البنية التحتية والطاقة وتنمية المناطق الحدودية ساهمت في النمو الاجتماعي والاقتصادي لكلا البلدين”.

وأفادت أن التعاون التجاري بين فيتنام والصين “لديه آفاق مشرقة لتعاون أعمق وأكثر جوهرية في المستقبل”.

وأكدت أيضا أن السماح بإدخال الدوريان الفيتنامي الطازج والمجمد إلى السوق الصينية يظهر مدى تطور التعاون التجاري، والذي يتجسد في تنويع المنتجات ضمن نفس الفئة وإضافة القيمة.

ومع ارتفاع طلب المستهلكين الصينيين على فاكهة الدوريان، أصبحت الصين الآن أكبر مستورد ومستهلك للدوريان في العالم. في العام الماضي، تم بيع حوالي 493 ألف طن من الدوريان الفيتنامي الطازج إلى الصين.

كما أشارت دو إلى الفرص الوفيرة في التنمية الجوهرية للتجارة الثنائية، مبينة أنه يمكن للبلدين زيادة تعزيز التعاون خاصة في مجال الزراعة عالية التقنية والتجارة الإلكترونية.

وأضافت أن “الصين تقدمت بشكل كبير في مجال التكنولوجيا والابتكار، بينما تشهد فيتنام تحولا رقميا وتطور اقتصادها الرقمي، الأمر الذي يخلق إمكانات كبيرة للتعاون في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والتحول الرقمي في التصنيع”.

— مجتمع أكثر تقاربا من أجل ازدهار أوسع

قال خبراء إن المشروعات الرئيسية التي تحققت من خلال التعاون عالي الجودة بين الصين ودول الآسيان أصبحت مؤشرات مرجعية لعلاقاتهما المستمرة في التقارب أكثر، والتي يؤدي تعزيزها إلى الازدهار والسلام الإقليميين.

يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ15 للشراكة التعاونية الإستراتيجية الشاملة بين الصين ولاوس. وفي أكتوبر 2023، وقع زعيما البلدين خطة عمل خمسية جديدة لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين ولاوس، مما ضخ زخما جديدا في مواصلة تطوير العلاقات الثنائية.

ويقدر داوفون بشكل كبير الصداقة بين البلدين الاشتراكيين، والتي يحافظ عليها كبار قادة البلدين والتبادلات بين الشعبين.

وقال إن العلاقات بين لاوس والصين تمضي قدما على مستوى عال، معربا عن أمله في أن تؤدي زيارة لي المرتقبة إلى لاوس إلى زيادة تعزيز هذه العلاقة. وبما أن لاوس هي الرئيس الدوري الحالي للآسيان، فإن حضور لي للاجتماعات ذات الصلة “سيجعل القمة أكثر حيوية”.

وفيتنام، الجارة الاشتراكية الأخرى، تتقاسم الانتماءات الثقافية والاجتماعية مع الصين. وفي العام الماضي، أعلن البلدان عن بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين وفيتنام يحمل أهمية إستراتيجية، مما يبشر ببدء مرحلة جديدة في علاقاتهما.

وقالت دو إن “المساعدة المتبادلة خلال الأوقات الصعبة، مثل دعم بعضنا البعض خلال المقاومة ضد الاستعمار والإمبريالية وإعادة الإعمار بعد الحرب والتغلب على جائحة كوفيد-19، قد عززت الصداقة بين بلدينا”.

وأضافت أنه في الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات متزايدة ومنافسة جيوسياسية، فإن “مجتمعا ثنائيا ناجحا مثل فيتنام-الصين يمكن أن يلهم مجتمعات ثنائية ومتعددة الأطراف أخرى ذات مستقبل مشترك، مثل ما بين الصين والآسيان”.

وأشارت دو إلى أن العمل من أجل مجتمع ذي مستقبل مشترك يساعد فيتنام والصين على التركيز على أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك حماية البيئة والاستجابة لتغير المناخ والأمن الغذائي.

وقالت إن “ذلك يسمح للبلدين بمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز التنمية من أجل مصلحة شعبيهما، وكذلك من أجل السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *