شراكة لا وصاية : لماذا يختار الافارقة النموذج التنموي الصيني؟
بقلم:عبدالوهاب جمعه
بعد عقود من فشل النموذج التنموي الغربي في انقاذ افريقيا، الدول الافريقية تنقذ نفسها مع الصين. تمضي افريقيا بعيدا عن النموذج الغربي الملئ بالوصاية وتتجه للنموذج الصيني القائم على الشراكة.
افريقيا على المسار التنموي الصحيح باتخاذ طريق التنمية الخاص بها بمساعدة الصين وتبتعد عن الشروط والاملاءات الغربية وتختار الصين بقرار حر وحكيم وشجاع. تغزل افريقيا مع الصين نسيج تنموي يتناسب مع الظروف الافريقية… سنحاول في هذا المقال الاجابة عن سؤال: لماذا ترفض افريقيا الوصاية الغربية وتختار الشراكة الصينية؟
تساهم الصين في تنمية القارة الافريقية، ومساهمة الصين تختلف عن المنهج الغربي القائم على النظرة الدونية للتنمية في افريقيا. تقدم الصين الدعم والمساندة للدول الافريقية وفق نهج الشراكة القائم على الاحترام المتبادل واحترام سيادة واستقلال الدول الافريقية.
تترك الصين للدول الافريقية اتخاذ المسار التنموي الخاص بها واختيار الوسائل والسياسات وبعد أن تختار الدول الافريقية طريق التنمية الخاص بها يأتي دور الصين بعد ذلك وهو دور مساند وداعم لتنمية الدول الافريقية.
يمكن أن نرى من خلال النهج الصيني في تنمية افريقيا إنه يقوم على أن الصين لا تفرض شروطًا سياسية أو اقتصادية مسبقة على استثماراتها أو قروضها وهو عكس نهج المؤسسات المالية الغربية التي تربط المساعدات بإصلاحات ليبرالية أو تغييرات سياسية.
لكن لنسأل انفسنا لماذا تندفع الدول الافريقية الى اتخاذ نهج الاستثمارات الصينية ؟ ولماذا ترغب الدول الافريقية في الاستثمارات الصينية بدلا من الغربية؟
الاجابة ببساطة لان الصين تحترم سيادة تلك الدول، وتحترم استقلال تلك الدول في اتخاذ طريق التنمية الخاص بهاحيث أن الصين لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الافريقية ولا تستخدم الاستثمار كوسيلة للضغط السياسي أو تغيير الأنظمة الافريقية. كما ان الاحترام الكامل للسيادة والاختيار التنموي للأفارقة كان هو العنوان الرئيسي للعلاقات بين الصين والدول الافريقية.
تجد الاستثمارات الصينية طريقها الى الدول الافريقية ممهدا وسالكا بسبب النهج الصيني القائم على عدم فرض الشروط السياسية و مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وكذلك عدم فرض شروط سياسية على القروض أو المساعدات. لقد سئمت الدول الافريقية من النموذج التنموي الغربي الذي يتدخل في الشؤون الداخلية للدول ويفرض خيارات التنمية وفق حلول جاهزة اثبتت الايام انها لا تنجح في افريقيا.
يجد النهج التنموي الصيني الاقبال من الدول الافريقية حيث يرى الافارقة أن ما تقدمه الصين من استثمارات او قروض او مساعدات يأتي في اطار المسار التنموي الخاص بالافارقة.
يرفض الافارقة الافتراءات الغربية التي تظهر في بعض منشورات المراكز الغربية ويرون أن هذه الضجة الغربية تستهدف كبح جماح تطور الصين ومنعها من مساعدة الافارقة وفوق كل هذا وذاك ان هذه الضجة الغربية لا تقدم حلول لافريقيا وانما فقط اعاقة العلاقات الصينية الافريقية.
تأتي الحملات الغربية ليس دفاعا عن المصالح الافريقية وانما اعادة عجلة التاريخ للوراء بـ” استغلال “الموارد الافريقية كما حدث خلال حقبة الاستعمار الغربي لافريقيا والذي استهدف تنمية الدول الغربية باستغلال موارد افريقيا.
ادركت الدول الافريقية أن الصين تقف خلف نهضتها وتنميتها بينما عملت الدول الغربية على اعاقة التنمية الافريقية.
تدرك الدول الافريقية أن ما تنشره المراكز الغربية هو محاولة يائسة من اعادة النظام القديم باستغلال موارد افريقيا لصالح الدول الغربية.
يدرك الافارقة اكثر من أي وقت مضى أن الصين تقدم نموذج تنموي يتماشى مع السياق الافريقي وهو نهج قائم على الاحترام المتبادل والشراكة والتنمية المشتركة وهو نموذج يسعى الى نهضة افريقيا.
جانب آخر من نهج الصين التنموي في افريقيا وهو أن الصين تتعامل مع الدول الأفريقية كشركاء متساوين بعيدا عن النظرة الدونية التي ينظر بها الغرب الى الدول الافريقية وكانها دول تحتاج لانقاذ او تحتاج الى اغاثات.
اهمية استثمارات الصين في افريقيا انها تركز على الأولويات التنموية التي تحددها الحكومات الأفريقية نفسها من قبل البنية التحتية والطاقة والتعليم او الصناعة.
اثبتت التجربة التنموية الصينية في افريقيا وخصوصا في غرب افريقيا أن مشاريع البنية التحتية الصينية من سكك حديدية و طرق و موانئ و طاقة تسهم مباشرة في رفع القدرة الإنتاجية وربط الأسواق الداخلية والإقليمية.
ساهمت الصين في تعزيز اقتصادات افريقيا عبرإنشاء مناطق صناعية ونقل التكنولوجيا التي خلقت فرص عمل وساهمت في تعزيز القدرات المحلية.
لكن ميزة الاستثمارات الصينية في افريقيا انها تتكيف مع السياق المحلي للاسواق الافريقية، وتعمل تلك الاستثمارات على تطوير القطاعات الاقتصادية الافريقية وتمكينها من التكنولوجيا.
أخيرا وجدت افريقيا النموذج التنموي الصحيح، والذي اختارته بكل حرية وحكمة: انه النموذج الصيني الذي يقدم الشراكة ويحترم السيادة.
بعد عقود من نموذج غربي قائم على فرض الوصاية واثبتت الايام فشله تتخذ الدول الافريقية النموذج الصيني، لقد وجدت افريقيا في الصين شريكا حقيقيا وكتبت معه فصل جديد من تاريخها، فصل تكتب فيه افريقيا خطها التنموي بقلم السيادة والشراكة والتعاون المربح بين الجانبين.
