وانغ يي: “الرؤية الأكثر تطلعا في مبادرة الحوكمة العالمية هي مستقبل عادل”
بكين:المشهد الصيني، نقلا عن قلوبال تايمز
شارك عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية وانغ يي، يوم الاثنين، في حفل افتتاح منتدى لان تينغ حول “تحسين الحوكمة العالمية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية”، حيث قدّم شرحًا شاملاً لمضمونات “مبادرة الحوكمة العالمية” (GGI) ومسارات تنفيذها العملية.
الالتزام الصيني بالتعددية يتصدر منتدى لان تينغ
وأشار وانغ يي إلى أن العالم يشهد اليوم عودة تيارات الأحادية، وتتلاحق التحديات العالمية واحدة تلو الأخرى، متسائلًا: “كيف يمكننا إصلاح الحوكمة العالمية وتحسينها لجعلها أكثر ملاءمة للعالم متعدد الأقطاب الآخذ في التشكل؟”، معتبرًا أن هذا السؤال يشغل عقول الجميع. وأضاف: “في الشهر الماضي، طرح الرئيس شي جين بينغ رسميًّا مبادرة الحوكمة العالمية، مقدّمًا الجواب الصيني على هذا السؤال الملّح في عصرنا”.
وأوضح أن العالم يشهد حاليًّا أكثر من 50 نزاعًا جاريًا من أنواع مختلفة، ونزوح أكثر من 100 مليون شخص، مشدّدًا على أن عالمًا يمر بمرحلة تحولات واضطرابات كهذه يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى حوكمة عالمية معزّزة.
وفي هذا السياق، لخّص وانغ يي جوهر المبادرة بثلاث رسائل رئيسية:
– “إن الرسالة الأكثر وضوحًا في مبادرة الحوكمة العالمية هي دعوة إلى تضامن أقوى”.
– “تمثل المبادرة أقوى تأكيد لمبدأ التعددية”.
– “إن الرؤية الأكثر رغبة في المبادرة هي مستقبل عادل”.
ولاقت كلمته صدى واسعًا بين الحضور. فقد قال عمر الرزاز، رئيس وزراء الأردن الأسبق، خلال النقاش التالي: “إن فكرة ‘قانون الغاب’—حيث تفعل كل دولة ما تريد، متى أرادت، دون الالتزام بأي قواعد—هي أسرع طريق إلى كارثة عالمية”. وشدّد على أننا في زمن نحتاج فيه إلى حلول للتحديات مثل تغيّر المناخ، ومخاطر الحروب، وتنظيم الذكاء الاصطناعي عالميًّا، والأوبئة، فإن “معالجة كل هذه القضايا لن تتحقق دون حوكمة عالمية فعّالة”.
وطرح وانغ يي خلال كلمته الافتتاحية مقترحات عملية لتنفيذ المبادرة، تشمل:
– دعم سلطة الأمم المتحدة: الحفاظ على مركزها كأساس للحوكمة العالمية، ورفض تطبيق القواعد الدولية انتقائيًّا وفق المصالح الخاصة.
– دفع التنمية المشتركة: إنهاء تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية، وتفتيت السوق العالمية، وشن الحروب التجارية والجمركية.
– مواجهة التحديات العاجلة : مثل بناء عالم آمن للجميع، حيث دعا إلى وقف إطلاق نار حقيقي وشامل ودائم في غزة، وتطبيق مبدأ “الفلسطينيون يحكمون فلسطين”، وحل الدولتين لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
– تمكين الجنوب العالمي : تحسين هيكل الحوكمة العالمية ليشمل تمثيلًا أوسع للدول النامية.
– تعزيز دور الجهات الفاعلة المتعددة : بما في ذلك الآليات الإقليمية والمنظمات الدولية الجديدة.
من جانبه، قال السفير الأردني لدى الصين، حسام ع. غ. الحسيني، في هامش المنتدى للـ”غلوبال تايمز”: “لطالما كانت الحوكمة العالمية قضية محورية للعالم. وعلى مدى عقود، تحدّث الكثيرون عن إصلاح الأمم المتحدة والنظام متعدد الأطراف، لكن القليل جدًّا من المبادرات قدّمت فعليًّا لدفع هذا الإصلاح. أما اليوم، فما نسمعه هو مبادرة ملموسة تتضمّن اقتراحات قابلة للتنفيذ يمكن أن تمهد الطريق لمناقشة جادة حول إصلاح ذي معنى للنظام متعدد الأطراف والحوكمة العالمية”.
وأشاد إريك سولهايم، الأمين العام المساعد السابق للأمم المتحدة والمدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالمنتدى، وقال للـ”غلوبال تايمز”: “لقد تم الكشف بوضوح عن عنصرين رئيسيين في مبادرة الحوكمة العالمية: أولًا، بناء نظام حوكمة عالمي يعكس واقع عام 2025، المتميّز بصعود الجنوب العالمي، بما في ذلك الصين والهند والبرازيل وإندونيسيا والعديد من الدول النامية الأخرى. ثانيًا، يجب أن يركّز النظام العالمي على تحقيق نتائج ملموسة للشعوب—مثل تعليم أفضل، وصحة محسّنة، وزيادة متوسط العمر، وبنية تحتية متطورة”. وأضاف: “وفي كل هذه المجالات، تستطيع الصين أن تساهم أكثر من أي دولة أخرى بفضل كفاءة نظامها الاقتصادي”.
وأشار المشاركون إلى أن روح مبادرة الحوكمة العالمية قد تجسّدت بالفعل في التعاون الدولي الصيني الملموس، وأن الصين تُظهر من خلال أفعالها كيف يمكن لقوة كبرى أن تبني شراكات تعاونية قائمة على المساواة.
وفي هذا السياق، قال جين لي تشون، أول رئيس ومدير لمجلس إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB): “بصفتها المساهم الأكبر في البنك، تمتلك الصين حق النقض الفعلي، لكنها لم تمارسه قط”. ووصف هذا السلوك بأنه “النموذج المقدس للتعددية”، مضيفًا: “إذا لم يكن هناك توافق، فلن أفرض شيئًا”. وختم قائلاً: “أنا مواطن صيني، لكنني أعمل كموظف دولي”.
