مبادرة الحوكمة العالمية: عندما ينطلق المستقبل من تيانجين
قمة منظمة شنغهاي للتعاون تيانجين
بقلم:عبدالوهاب جمعه
يشهد العالم تصاعد النزعات القطبية الأحادية والحمائية التجارية والصراعات الجيوسياسية، ذلك المشهد يشير الى تهديد للنظام الدولي المبني على التعددية.
تبرز قمة منظمة شنغهاي للتعاون بتيانجين 2025 كمنصة حاسمة لطرح رؤى بديلة. تأتي في سياق الذكرى الـ80 للانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية ومرور 80 عاماً على تأسيس الأمم المتحدة.
طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحوكمة العالمية (GGI) خلال اجتماع “منظمة شنغهاي للتعاون بلس” في تيانجين. مكونة من خمس ركائز، لتقدم إجابة على أزمات الحوكمة الراهنة.
مبادرات شي .. بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية
تعد هذه المبادرة أحدث حلقة في سلسلة المبادرات الصينية الكبرى التي اطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ والتي تشكل مفهوم الرئيس شي عن بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
اطلق الرئيس شي ثلاث مبادرات عالمية حظيت بالتفاعل والاهتمام من متخذي القرار حول العالم ،هي مبادرة التنمية العالمية (GDI) ومبادرة الأمن العالمي (GSI) ومبادرة الحضارة العالمية (GCI).
اهمية مبادرة الحوكمة العالمية (GGI) انها تأتي من داخل اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون التي انعقدت بمدينة تيانجين في يومي 31 اغسطس والاول من سبتمبر 2025.
كما أن قمة شنغهاي للتعاون تيانجين 2025 تعتبر تاريخية حيث تعد قمة تيانجين أكبر قمة سنوية على الإطلاق للمجموعة حيث قال الرئيس شي في كلمته :” أن المنظمة أصبحت قوة مهمة في بناء نمط جديد من العلاقات الدولية ومجتمع مصير مشترك للبشرية”.
مبادرة لصالح العالم على نسق روح شنغهاي
اطلق الرئيس شي مبادرة الحوكمة العالمية لصالح العالم من داخل قمة شنغهاي وهذا يؤكد مدى قوة ومكانة ” روح شنغهاي” وهي القيم القائمة على الثقة المتبادلة، والمنفعة المشتركة، والمساواة، والتشاور، واحترام تنوع الحضارات، والسعي نحو التنمية المشتركة.
اهمية مبادرة الحوكمة العالمية إنها تأتي في سياق وتوقيت الذكرى الـ80 للانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية والذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة.
لكن لماذا اطلق الرئيس شي مبادرة الحوكمة العالمية؟ نجد الاجابة لهذا السؤال داخل كلمة الرئيس شي عند اطلاق المبادرة.
يقول الرئيس شي في كلمته : قبل ثمانين عاماً استخلص المجتمع الدولي دروساً عميقة من ويلات الحربين العالميتين، وأسس الأمم المتحدة، مُرسّخاً بذلك فصلاً جديداً في تاريخ الحوكمة العالمية”.
يؤكد الرئيس شي انه بعد ثمانين عاما، رغم أن الاتجاهات التاريخية نحو السلام، والتنمية، والتعاون، والمنفعة المتبادلة ما زالت قائمة، إلا أن عقلية الحرب الباردة، والهيمنة، والحمائية ما زالت تُهيمن على المشهد العالمي. وتتزايد التهديدات والتحديات الجديدة، وقد دخل العالم مرحلة جديدة من التقلبات والتحولات.ووصلت الحوكمة العالمية إلى مفترق طرق جديد.
في اللحظات الصعبة تبرز افكار القادة
يوضح الرئيس شي اهمية استيعاب الدرس :” يُعلّمنا التاريخ أنه في الأوقات الصعبة، ينبغي لنا أن نتمسك بالتزامنا الأصلي بالتعايش السلمي، ونعزز ثقتنا في التعاون المربح للجميع، ونتحرك وفقاً لاتجاه التاريخ، ونزدهر بالانسجام مع عصرنا.لهذا الغرض، أود أن أطرح مبادرة الحوكمة العالمية وأترقب العمل مع جميع الدول من أجل بناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدلاً وإنصافاً، والانطلاق نحو بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
لاتخرج مبادئ مبادرة الحوكمة العالمية عن حكمة الصين المعروفة في الدبلوماسية والعلاقات الدولية حيث أن مبادرة الحوكمة العالمية تحتوي على خمسة مبادئ وهي الالتزام بالمساواة في السيادة، والامتثال للسيادة الدولية للقانون، وممارسة التعددية، والدعوة إلى نهج يركز على الشعوب، والتركيز على اتخاذ إجراءات فعلية.
المبادرة حماية لمكانة الامم المتحدة
اذن تركز مبادرة الحوكمة العالمية على إعادة تنشيط النظام الدولي القائم على الأمم المتحدة، وتحسين فعالية الحوكمة العالمية في مواجهة التحديات المتصاعدة.
تهدف مبادرة الحوكمة العالمية لحماية مكانة الأمم المتحدة وسلطتها وضمان دورها الذي لا يمكن الاستغناء عنه والرئيسي في الحوكمة العالمية.
كما ان المبادرة في اهدافها تعني ان الجميع متساوون ومستفيدون من الحوكمة العالمية. وتجعل جميع الدول متحدة في مواجهة التحديات العالمية.
روح الصين العظيمة
اصدرت الصين ورقة مفاهيمية عن مبادرة الحوكمة العالمية التي اطلقها الرئيس شي خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون بتيانجين.
حيث أكدت الورقة على خمسة مبادئ أساسية هي التمسك بالمساواة في السيادة لجميع الدول، بغض النظر عن الحجم أو القوة.والالتزام بالقانون الدولي ورفض المعايير المزدوجة. وممارسة التعددية الحقيقية وتعزيز دور الأمم المتحدة كمنصة مركزية. واتباع نهج يُركز على الإنسان، بحيث تكون مصلحة الشعوب هي الهدف الأسمى. بجانب التركيز على تحقيق نتائج فعلية عبر تنسيق عالمي ومنهج شمولي.
إطلاق مبادرة الحوكمة العالمية من قمة تيانجين لم يكن حدثاً عابراً، بل كان انعكاساً لمرحلة تاريخية حرجة تمر بها العلاقات الدولية، تقدم المبادرة نفسها كإطار مرجعي يستلهم مبادئ “روح شنغهاي” الثابتة وتأتي من “روح الصين العظيمة” القائمة على الحكمة الصينية التي بنيت على إحياء المثل العليا للتعددية والنظرة المتعددة من من زوايا مختلفة ورفض هيمنة القوى الأحادية والعمل لفائدة جميع دول العالم.
