د. محمد حسن محمد يكتب :الشعب الصيني يحتفل بعيد الربيع …الأرنب رمز السنة الصينية الجديدة
بقلم: د. محمد حسن محمد
جامعة الخرطوم – مهتم بالشؤون الصينية
وفقًا لتفسير الأبراج الصينية القديمة ، يعتبر الأرنب رمزًا للوداعة والسلام واللطف والنشاط واليقظة والحظ ، وسيكون عام الأرنب عامًا مزدحمًا بشكل غير عادي ولكنه عام هادئ. إنها ليست فقط واحدة من علامات البروج للناس ، ولكنها أيضًا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحياة الإنسان وآمال الناس الجيدة. “
عيد الربيع الصيني هو إحتفال برأس السنة الصينية الجديدة، حسب التقويم الصيني القمري كما يعرف باسم ” رأس السنة القمرية “، هو تقليد إحتفالي يعود تاريخه إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ويُعد من أهم المناسبات الإحتفالية التقليدية وأكبرها في الصين وبعض الدول الاسيوية مثل، ( ماليزيا ، لاوس / ميانمار ، تايلاند ، كوريا الشمالية ، كوريا الجنوبية). ويُعتبر مناسبة إجتماعية غاية فى الاهمية تجتمع فيه الأسر ويعود المسافرين والمغتربين ( ليلة لم شمل الاسرة).
في الصين فان الارنب ليس حيوان نباتي جميل الشكل، ناعم الملمس، لطيف ورشيق ووديع وإنما ثقافة ومعنى ومغزى عميق أيضا منذ العصور القديمة حتى الآن، يرمز الارنب في الثقافة الصينية إلى الهدوء، الذكاء والحذر، الخفة والنشاط .
د. محمد حسن محمد
مناسبة هذا العيد تعود للاسطورة الصينية المتناقلة عبر الأجيال لأكثر من ثلاثة الف عام ، عن أسطورة لوحش مخيف يسمي”نيان” والذي كان يعيش في مكان مجهول ( قد يخرج من أعماق البحر أو الغابات،) وهو يخرج مرة واحدة كل ربيع؛ حيث يغادر مخبأه ليهاجم الناس، والحيوانات ، ويتلف الزروع ، ويخرب ويقتل ويرهب الناس ، مما جعل الناس يقومون قبل وقت كافي من خروجه في مطلع السنة القمرية للخروج من بيوتهم والإختبا بالجبال ويتركون حيواناتهم وزراعتهم ؛ وتستمر الاسطورة …. يحكي انه في إحدى السنوات وكان الأهالي فى إحدي القري يستعدون لمغادرة القرية فإذا برجل مسن يدخل علي أهل القرية ويطلب شئ ليأكله ومكان لينام فيه، إستقبلته إمراة مسنة وقدمت له الطعام والشراب ، فأكل حتي شبع ؛ فطلبت منه المرأة المسنة مغادرة القرية معهم ليحتموا بالجبال هربا وخوفا من ( نيان) ولكن الرجل العجوز طلب منها مكان لينام فيه ، وهو لا يهاب الوحش (نيان) ومع اصراره تركت له المراة العجوز دارها لينام فيه، وهنالك حظيرة بها الحيوانا واخذت معها ما خف حمله ومضت .
. في منتصف تلك الليلة، خرج الوحش ( نيان) وهجم علي القرية، ولكنَّه تردد كثيراً في هجومه وارتعد خوفاً عندما رأى الاوراق ذات اللون حمراء مُعلّقة على الابواب والحوائط والاشجار حول منزل السيدة العجوز، كان اللون الاحمر يلمع مع ضؤ القمر، فأدخل الرعب في الوحش الذي وصل إلى مدخل بيت المراة العجوز، وهناك فاجأته أصوات هادرة مزعجة منعته و شلت حركته. وخرج له الرجل العجوز مرتدياً ملابس حمراء، وفتح الباب وكان الوحش قد فرَّ بعيداً مُرتعداً. فقد كان اللون الأحمر والأصوات الصاخبة والأضواء هي الأشياء التي يخشاها الوحش، ويفر هرباً منها. منذ ذلك الحين، وفي عشيَّة كل عام جديد، صارت عادة لكل اسرة أن تضع علي الحوائط والابواب ملصقات وشرائط حمراء عريضة، ويشعلون الشموع ويطلقون الألعاب النارية، ويظلّون مستيقظين طوال الليل ليتجنبوا التعرُّض لهجوم الوحش “نيان”.
تقومُ الأسر الصينيَّة بتنظيف منازلها جيداً، ويسمون ذلك بإلقاء الأوساخ على “نيان”. حيث يعتقدون أن تنظيف المنازل، هو عملية إلقاء قاذورات العام السابق على الوحش البغيض، كما أن التنظيف يجلب الحظ السعيد ويجعل المنازل وأصحابها أكثر استعداداً لملاقاة الحظ والسعادة في العام الجديد، ويُبعد سوء حظ العام السابق. وبعض الناس يطلون بيوتهم باللون الأحمر أو حتى النوافذ والأبواب والشرفات بطبقة جديدة من اللون الأحمر لتخويف الوحش وإبعاد الشياطين أما الان فاللون الاحمر هو رمز للسعادة وحسن الطالع والاستبشار بالمستقبل وتحقيق الاماني . في السنوات الأخيرة، أصبح الاحتفال برأس السنة الصينية برنامجاً عالمياً يقام في العديد من العواصم والمدن الكبرى بالدول الغربية، عبر مجموعات من الفرق الصينية الجوّالة.
الارنب رمز السنة الصينية الجديدة
وفي الصين فان الارنب ليس حيوان نباتي جميل الشكل، ناعم الملمس، لطيف ورشيق ووديع وإنما ثقافة ومعنى ومغزى عميق أيضا منذ العصور القديمة حتى الآن، يرمز الارنب في الثقافة الصينية إلى الهدوء، الذكاء والحذر، الخفة والنشاط .
ويرجع وضع الارنب رمز لهذا العام الي الاسطورة الصينية المتناقلة عبر الاجيال أن الامبراطور السماوي قد قدم دعوة لجميع الحيوانات لمهرجان وسباق وقد تنافست الحيونات في الوصول اولاً فكان ترتيبها كالآتي : الفأر، الثور، والنمر، والأرنب، والتنين، والأفعى، والحصان، والخروف، والقرد، والديك، والكلب، والخنزير ، كان الفأر اول المتسابقين رغم ان هنالك من هو اسرع منه ، ويرجع ذلك الي أن الفار قد صعد علي ظهرالثور ثم قرونه وعند خط الوصول قفز أمام الثور فكان أول الواصلين ، ورغم ان الفار والقط كانا صديقين إتفقا علي المشاركة سوياً إلا أن الفار استيغظ باكراً ولم يوقظ صديقه القط فلم يشارك في السباق، ومنذ ذلك الحين كانت العداوة بين الفاروالقط . وتبدأ السنة الصينية بالفار ثم الثور وكهذا حتي الخنزير ثم تعود من جديد كل إثنا عشر عام .
يعتبر عام 2023 هو “عام الارنب” حيث يستخدم الصينيون كلمة الارنب وتنطق باللغة الصينية “تو” ونجدها في تستخدم كثير من الامثال الصينية لمدح الآخرين استعارة للعمل السريع ويحافظ الصينيون على التقاليد الخاصة بالاحتفال بهذا العيد المهم، حيث يتم إضاءة المصابيح ( الفوانيس الصينية ) قبل العام القمري الصيني الجديد، وتظل معلقة حتى منتصف الشهر القمري، وتأخذ دائماً اللون الأحمر الذي يرمز إلى الحماسة والقوة والحيوية، مع أداء رقصات تقليدية شهيرة كرقصة الأسد والتنين.
عيد الربيع الصيني هو بمثابة عيد الاضحي الذي يسمية بعض السودانيين بالعيد الكبير وهو شعيرة دينية ومناسبة إجتماعية يلتئم فيها شمل الاسرة في عالمنا الإسلامي والعربي ، كذلك الحال في الصين يعود كل صيني الي مسقط راسه والي أسرتة وتجتمع الاسرة في البيت الكبير ويتحلقون حول مائدة ممتلئة بانواع متعدد من أصناف المؤكولات والمشروبات . وتشهد الصين حركة تنقلات واسعة جدا في كافة المحافظان والمدن والارياف وقد يصل عدد الرحلات بمختلف انواع وسائل التواصل من طائرات وقطارات وبصات وغيرها حسب إفادة لجنة الدولة للتنمية والاصلاح لاكثر من ثلاثة مليار رحلة تبدأ قبل العيد وتنتهي بعد العيد خلال اربعون يوما ، وقد استطاعت الدولة من تسخير إمكانياتها لتزيل كافة السبل لراحة وامن وسلامة المسافرين خلال فترة هذا العيد وحسب التقرير الصحفي الصادر يوم 22/01/2023م ان عدد المسافرين خلال الفترة من 07/01 وحتي يوم 21/01/2023م؛ لفترة 14 يوم يوما الماضية قد وصل عدد المسافرين الي مائة مليون وتسمائة الف مسافر. وزاد عدد الركاب بنسبة 27.3٪ بمتوسط 7.3 مليون مسافر في اليوم ، وسلمت السكك الحديدية الوطنية إجمالي 155.92 مليون طن من البضائع ، وشحن السكك الحديدية مستمر في الحفاظ على مستوى عال من التشغيل.
كما يعد موسم العيد اكبر فترة تشهدها الاسواق الصينية المحلية في عملية الشراء البيع للمواد الغذائية والملبوسات والاحزية والاكسسوارات والهدايا وغيرها، وتذدهر الصناعات الثقافية المحلية وتصدر الي الى الدول ذات الخصائص الثقافية المشتركة ، كما تنشط حركة تصنيع وبيع وشراء المفرقعات والالعاب النارية خاص ان الصين هي مكتشفة البارود وهو احد الاكتشافات الصينية الاربعة ( البارود والبوصلة والورقوالطباعة ) هي ميراث الصين الذي فاء للبشرية ونقل العلم من خلال الورق والطباعة .
بالنسبة للصينيين ، فإن صنع الجاوزا ( فطائر صينية محشوة بالخضار او اللحم تسلق علي الماء) معًا خلال العام الجديد هو الحدث الأكثر احتفالية خلال عيد الربيع. أما الجلوس أمام التلفزيون ومشاهدة الأعمال الدرامية ومشاهدة الأفلام مع العائلة وخاصة السهرة التي تقدم في الفضائية القومية الصينية. وذلك من خلال الهواتف والشاشات الذكية قال العديد من مستخدمي الإنترنت إن عيد الربيع ليس فقط رمزًا مهمًا للعطلة ، ولكنه يمثل أيضًا وقتًا نادرًا تلتقي فيه الأسرة معًا. طعم العام الجديد في أطباق الأم الخاصة ، وفي المحادثات العادية لأفراد الأسرة الجالسين أمام التلفزيون ، وفي صحبة بعضهم البعض حيث الهدوءوالبهجة والصحبة .
وفي الماضي خلال فترة حكم السلالات الامبراطورية، كان اجداد الصينين يقوم خلال هذه المناسبة بتقديم التهاني إلى الإمبراطور ويشاركون في نشاطات التسلية والترفيه ويمجدون الأجداد والإله ويؤدون الصلاة من أجل حصاد وافر. ولكن في العصر الحديث وبفضل رعاية الدولة لهذه المناشط الاجتماعية والشعبية ازدادت هذه النشاطات الاحتفالية تنوعا وإثراء مع مرور الأيام. الحكومة الصينية ساهمت كثير من خلال بنياتها التحتيه وبما توفره للمواطن الصيني ولرفاهيتة وسعادته تبذل كل مجهودها نجد أن عيد الربيع لم يعد اسطورة تحكي للصغار او مفرقعات والعاب نارية ولا حتي شعارات حمراء وانما مناسبة هامة لتعزيز العلاقات بين الأقرباء والأصدقاء وتعميق الود والمحبة بين الناس، فيكتسب الاحتفال بعيد الربيع أهمية كبيرة في ترسيخ الروابط الأسرية وتعزيز التماسك الاجتماعي وبناء المجتمع المتناغم وكذلك في الحفاظ على الثقافة الصينية وتطويرها.
د. محمد حسن محمد
جامعة الخرطوم – مهتم بالشؤون الصينية