2024-09-08

القمم الصينية الثلاثية في السعودية..حلف قلب العالم

ستشهد المنطقة العربية عقد (3) قمم استراتيجية الأولى من نوعها في التاريخ الصيني الخليجي والعربي، من حيث ضخامة الحدث والشراكة.. تحليل يوضح تفاصيل الحدث المرتقب

تقرير:المثنى عبدالقادر 

محطة بارزة في تاريخ العلاقات الصينية مع كل من المملكة العربية السعودية و دول الخليج و الدول العربية تبدأ الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر 2022. حيث تشهد المنطقة عقد (3) قمم استراتيجية الأولى من نوعها في التاريخ الصيني الخليجي العربي، من حيث ضخامة الحدث والشراكة، وتمثل علامة سوف تستند عليها مسيرة الشراكة الاستراتيجية بين الأطراف المشاركة. 

القمة الأولى المرتقبة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ، مع ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد محمد بن سلمان، ستكون خاصة بالعلاقات بين البلدين ،حيث تعد زيارة الرئيس شي جين بينغ الثانية من نوعها إلى المملكة بعد زيارة عام 2016 التى ردها العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز بزيارة تاريخية إلى العاصمة بكين عام 2017 برفقته (1000) شخص من رجال الأعمال، وتوجت تلك الزيارات المتبادلة بزيارة لولي العهد محمد بن سلمان عام 2019 إلى الصين التى وقع خلالها على اتفاق نفطي قيمته (10) مليارات دولار بين البلدين لتصبح الصين المستورد الأول للنفط السعودي، بجانب التوقيع على اتفاقيات ثنائية استثمارية بقيمة (65) مليار دولار ، لذلك فإن القمة الجديدة التي تنعقد في ديسمبر القادم يُنتظر أن تشهد زيادة جديدة في قيمة الميزان التجاري بين الدولتين الذي يبلغ أصلا (37) مليار دولار. 

أما القمة الثانية للرئيس الصيني شي جين بينغ في السعودية، ستكون مع ملوك وأمراء الخليج العربي، وتعد الأولى من نوعها، حيث ظلت العلاقات الاقتصادية الصينية الخليجية طوال السنوات الماضية، في إطار كل دولة على حدة، كما اعتمدت الصين فيها على دول الخليج في سلعتي النفط والغاز الطبيعي ، لذلك يتوقع أن تتناول القمة القادمة اتفاقيات جديدة بينهم أبرزها اتفاق التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج الذي حال التوقيع عليه، فإن الميزان التجاري بين الصين مع دول الخليج سيرتفع إلى أكثر من (161) مليار دولار، و هي آخر إحصائية عقب تداعيات جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي. 

القمة الثالثة التي تحتضنها المملكة أيضا ستكون بين الرئيس الصيني شي مع رؤساء و زعماء الدول العربية، وهذه الأخيرة سيكون عليها التركيز الأكبر، حيث إن البيانات الرسمية تفيد أن الميزان التجاري الصيني مع الدول العربية مجتمعة يبلغ (332) مليار دولار ، بعد أن كان (239) مليارا في العام (2020) ، فيما يبلغ رصيد الاستثمارات الصينية المباشرة في الدول العربية (20) مليار دولار ، بالتالي فإن المأمول من القمة الصينية العربية، سيكون أشبه ببناء استراتيجية جديدة لزيادة هذه الأرقام خاصة أن الوزن الاقتصادي الهائل للصين والثروة البشرية لديها والموارد والسلع التي تنتجها، بات مؤثرا في المناورة الاقتصادية العالمية، وأن أغلب الدول العربية تعاني من أزمات اقتصادية بعد تداعيات جائحة كورونا، وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية رغم الثروات التي تمتلكها. 

لهذا يعتقد أن القمة الصينية العربية، ستبحث تطوير التعاون في مختلف القطاعات، مع إتاحة الفرص للشركات الصينية للاستثمار في الدول العربية، وهو قد يكون نقلة نوعية للارتقاء بالعلاقات الصينية العربية والشراكة الاستراتيجية إلى آفاق أكبر ، ما يسهم في تعزيز مبادرة (الحزام والطريق) التي تهدف لتطوير علاقات التعاون في مجالات الاقتصاد و الاستثمار و الصناعة و النقل و المواصلات و الطاقة و الموارد الطبيعية و البيئة و (الزراعة) ، بما يحقق التبادل و يصب في مصلحة دول المبادرة كافة، وبعض الدول العربية بحاجة لذلك لتنفيذ الأهداف التنموية العالمية بشكل مشترك. 

أما فرصة السودان من تلك القمم ستكون بنيل الاستثمارات الزراعية إذا تمكنت حكومة الخرطوم من إقناع الدول العربية والخليجية والصين، بالزراعة في السودان الذي يمتلك (175) مليون فدان صالحة للزراعة ، مع العلم أن أوكرانيا كانت تغطي احتياجات العالم قبل الحرب مع روسيا بزراعة نحو (9) ملايين فدان، لذلك فإن إعلان رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان لقادة القمة العربية الأخيرة في الجزائر في نوفمبر الجاري ، بـ(جاهزية السودان لتحقيق الشعار القديم المتجدد ليكون سلة غذاء العالم) كان دعوة للقادة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للأمن الغذائي لدول الخليج والعرب بالاستثمارات الخليجية مدعومة بالتكنولوجيا الصينية الزراعية،خاصة أن السلع الزراعية جراء الاحتباس الحراري والتغير المناخي ستكون أغلى من سلعتي النفط والغاز ،لهذا صنف برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة (السودان) من الدول التي يمكن الاعتماد عليها في حل أزمة الغذاء المتوقعة على مستوى العالم، هذا غير أن اعتماد العالم على أوكرانيا وحدها في الحبوب دون الدول الأخرى كان خطأ استراتيجيا أوقع خسائر ضخمة بدول العالم. 

في الجانب الاستراتيجي الاقتصادي فإن استثنائية القمم الثلاث التي تنعقد في ديسمبر القادم لأنها تأتي بعد أن حققت الصين خلال العام المنصرم فائضا في الميزان التجاري يبلغ قيمته (427) مليار دولار ما يمكن بكين بمضاعفة الاستثمارات في السعودية و دول الخليج والدول العربية سواء أكان عبر التجارة الحرة أو غيرها ما يجعل الجانبين رابحين. 

كما أن التموضع الجيوسياسي لدول الخليج والدول العربية والسعودية فيما يعرف بقلب العالم فإن مصلحة الصين تمكن من الحفاظ على علاقات قوية مع هذا التكتل الدولي لإنجاح مبادرة (طريق الحرير) ، لأن الدول العربية والخليجية تمتلك الجانب الجيوسياسي المهم من المبادرة عبر القارة الأفريقية بإطلالها على البحر الأحمر و البحر الأبيض بالإضافة إلى حوض الخليج العربي. 

لذلك من المرتقب لبناء العلاقة الاستراتيجية الجديدة ارتفاع حجم التجارة والاتفاقيات بين الصين والسعودية ودول الخليج والدول العربية عقب القمم الثلاث من (332) مليارا نحو نصف تريليون دولار ، ما يعني زحفه ليماثل في المستقبل القريب الميزان التجاري (الصيني مع دول الاتحاد الأوروبي) الذي يبلغ (586) مليار دولار ، و يتفوق في نفس الوقت على الميزان التجاري (الصيني الامريكي) الذي لايزال يبلغ (245) مليار دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *