صناعة السفن الصينية تتجه للذكاء الصناعي والعمل بالطاقة المتجددة
بكين:المشهد الصيني
في الآونة الأخيرة، لفت انتباه الناس سفينة سياحية تبحر ذهابا وإيابا في قسم ييتشانغ لنهر اليانغتسي. حيث أن السياح الذين على متنها سواء كانوا فوق ظهرها أو في المقصورة بداخلها، لم يسمعوا أي هدير للمحركات، كما أنهم لم يشموا رائحة الديزل الذي اعتادوا عليه في السفن، والفضل في كل هذا يرجع لكونها سفينة سياحية كهربائية مائة بالمائة، إنها سفينة “الخوانق الثلاثة-1”.
وقال تشانغ يو مدير الأعمال بقسم الإدارة الفنية لشركة الخوانق الثلاثة للطاقة الكهربائية: “يبلغ طول هذه السفنية 100 متر وعرضها 16.3 مترا، وارتفاعها يساوي المبنى بأربعة طوابق.
وتتميز السفينة بأربعة مخازن للبطاريات وتحتوي على 720 بطارية من جيل نينغده تعمل بطاقة فوسفات الحديد الليثيوم، وبسعة تحميل تصل إلى 7500 كيلو واط في الساعة، أي ما يعادل مجموع سعة بطاريات لأكثر من 100 سيارة كهربائية، وبذلك فإنها أكبر بطارية لسفينة في العالم وهي محلية الصنع مائة بالمائة. “
لقد حلت الكهرباء محل الديزل، لذلك لم يعد هناك ضوضاء أو روائح مزعجة ولا اهتزازات لمحركات الديزل التي كانت تشهدها السفن الأخرى من وقت لآخر، كما أن السفينة أصبحت أكثر استقرارًا وهدوءًا. وقال تشانغ يو أيضا: “الكهرباء تأتي من الطاقة الكهرومائية النظيفة للخوانق الثلاثة. وبالمقارنة مع سفن التي تعمل بالطاقة التقليدية، فإن هذه السفينة يمكنها توفير 530 طنا من زيت الوقود كل عام، وتقلل من انبعاث الغازات الضارة المختلفة بمقدار 1660 طنا، أي ينتج عنها صفر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ومنذ رحلتها الأولى في مارس من هذا العام، أبحرت هذه السفينة أكثر من 40 مرة وحملت على متنها حوالي 30 ألف راكب. “
في السنوات الأخيرة، حل وقود الهيدروجين والغاز الطبيعي المسال والميثانول ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى محل زيت الوقود التقليدي، وتم تطبيقه على السفن الكبيرة والصغيرة في مختلف المجالات مثل سفن الركاب وسفن الشحن والسفن الهندسية وسفن العمل، وبالتالي أصبح خيارًا جديدًا لصناعة الشحن في ظل الاتجاه العالمي للتحول الأخضر ومنخفض الكربون.
منذ فترة قصيرة، انتهت شركة قوانغتشو لبناء السفن الدولية من صناعة أول ناقلة كيميائية تعمل بوقود الميثانول المزدوج ووزنها يقدر بـ 49.900 ألف طن، وهي أول سفينة خضراء بنيت في الصين تعمل بوقود الميثانول المزدوج. وقال خه قوانغ وي نائب كبير المهندسين في الشركة بأن هذه الناقلة تعتمد نظام قيادة وقود الميثانول المزدوج، والذي يمكن تشغيله بأربعة أنواع من الوقود: الديزل، هيدرات الديزل والميثانول، وهيدرات الميثانول. كما أنها مجهزة بمجموعة متنوعة من الأجهزة الموفرة للطاقة والتي يمكن أن تقلل من انبعاثات الكربون بنسبة 75٪ ، انبعاثات النيتروجين بنسبة 15٪ و 99٪ من نسبة انبعاثات الكبريت والجسيمات الصغيرة”.
لقد أدى التطبيق الواسع النطاق للطاقة النظيفة في مجال بناء السفن إلى تحسين الذكاء الصناعي لها، وتم تطبيق وظائف معقدة أخرى مثل القيادة الذاتية والتشغيل التلقائي لهذه السفن.
في مدينة سوتشو الواقعة على جنوب نهر اليانغتسي، يعود قارب التنظيف الأوتوماتيكي والذي يتم التحكم فيه عن بعد بحمولة كاملة من النباتات المائية والأجسام العائمة في وقت زمني قصير، حيث أن عمال النظافة لا يحتاجون إلى النزول للماء، بل فقط يقومون بجمع هذه الفضلات على الشاطئ، وعندما ينخفض الشحن في بطارية القارب فإنه يعود تلقائيا إلى مكان رُسوّه ليعيد شحن نفسه من جديد ومن ثم العودة للعمل. وقال تشو جيان نان الرئيس التنفيذي لشركة أوكاتشيبو: “إذا عمل عاملان لمدة 8 ساعات في اليوم فسيمكنهما تنظيف 45 مو من المياه فقط، أما قارب التنظيف الصغير ذاتي القيادة هذا، حتى لو تم تغطية 98٪ من المياه بأشياء عائمة، فيمكنه إكمال مهمة تنظيف 70 مو من المياه في غضون سبع ساعات ونصف. كما أنه وخلال الأحوال الجوية السيئة، يمكن أن يؤدي استخدام القوارب غير المأهولة إلى تحسين السلامة والكفاءة”.
بين ميناء تشينغداو وميناء دونغ جياكو في مقاطعة شاندونغ، تمخر سفينة “تشي فاي” المليئة بالحاويات في عباب البحر. حيث أنها أول سفينة حاويات من نوع 300TEU ذاتية القيادة والتي تم تطويرها بشكل كامل في الصين، وهي سفينة هجينة تعمل بالديزل والكهرباء. وقال جيانغ هاي يينغ رئيس شركة تشينغداو للتكنولوجيا والملاحة الذكية المحدودة: “يمكن لهذه السفينة تحقيق وظائف مثل الإدراك الذكي والإدراك لبيئة الملاحة والتتبع المستقل، وتخطيط المسار المستقل، وتجنب الاصطدام الذكي، والرسو والمغادرة التلقائية ، والقيادة عن طريق التحكم عن بعد، ومن خلال شبكة الجيل الخامس والاتصال عبر الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصال الأخرى متعددة الشبكات ومتعددة الأوضاع، يمكنها أن تنسق بشكل فعال مع سلطات الإشراف على خدمات المراقبة والإرسال والإشراف وغيرها من المؤسسات والمرافق مثل الموانئ والشحن والشؤون البحرية والطيران.”
وقال جيانغ هاي يينغ: “مع تطور الشحن الذكي، ستدخل المزيد من الشركات الصينية إلى نادي صناعة السفن الذكية والمتطورة، حيث أن تحسين مستوى الذكاء الاصطناعي لبناء السفن سيصير اتجاهًا حتميًا في تطوير صناعة النقل البحري في نهاية المطاف. ومع الاختراقات المستمرة في تقنيات مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، أصبح بالإمكان تطوير بعض التقنيات الرئيسية وإتقانها.”