عيد تشينغ مينغ، عيد إحياء ذكرى الراحلين من الأهل والأعزاء
تكتب الصحفية الصينية سعاد ياي التي تجيد اللغة العربية بطلاقة مقالا عن كيفية احتفال الشعب الصيني كل سنة بعيد تشينغ مينغ، وتعني عبارة ” تشينغ مينغ” في اللغة الصينية النقاء والصفاء، و يعد “تشينغ مينغ” عيد صيني لإحياء ذكرى الراحلين من الأهل والأعزاء وتذكُر محاسنهم، وزيارة الشهداء وأضرحتهم.. وتوضح الاعلامية الصينية بعض ملامح العيد بقيام الفتيات والنساء بنزهة ربيعية حيث يقطفن بعض البقول البرية الطازجة ويجلبنها إلى بيوتهن لإعداد الأطعمة، وإنها تتمتع بطعم لذيذ ورائحة شهية ونكهة خاصة
بقلم
: الصحفية الصينيةسعاد ياي
يحتفل الشعب الصيني قبيل اليوم
الخامس من إبريل كل سنة بعيد تشينغ مينغ، وتعني كلمة تشينغ مينغ في اللغة
الصينية النقاء والصفاء، ويسمى أيضا بعيد الأشباح في بعض المناطق الصينية. ويصادف
هذا العيد يوم الرابع من إبريل هذا العام.
تشينغ مينغ عيد صيني لإحياء ذكرى الراحلين من الأهل والأعزاء وتذكُر محاسنهم، وزيارة الشهداء وأضرحتهم. حيث يقوم الصينيون خلالها بزيارة القبور لتنظيفها وترميمها، إضافة إلى نشاطات أخرى. وبما أن العيد يصادف اعتدال الجو واخضرار النباتات، اعتاد الصينيون الخروج إلي ضواحي المدن المكسوة بالخضرة للنزهة أو تطيير الطائرات الورقية أو التمتع بالمناظر الربيعية. لذلك يسمي أيضا بعيد المشي علي الخضرة.
يرجع تاريخ عيد تشينغ مينغ إلى عهد الإمبراطور جين ون قونغ الذي كان يتعرض للاضطهاد قبل اعتلاءه العرش قبل 2600 عام. وذات يوم، أغمي على جين ون قونغ من شدة الجوع والعطش، فلم يجد أتباعه ما يقدمونه لإنقاذه، فقام أحد المخلصين له اسمه جيه تسي توي بقطع قطعة من لحم فخذه لينقذه من الجوع. وبعد مرور 19 عاما، عاد جين ون قونغ من منفاه ونجح في اعتلاء عرش. وكرم كل من صمد بجانبه بمناصبه رفيعة، إلا جيه تسي توي الذي نسيه، لكن بمجرد أن تذكر الإمبراطور هذا الشخص، أرسل الجدد لطلبه وتكريمه، لكن جين تسي توي رفض ذلك وهرب إلى الجبال، فأمر الإمبراطور البحث عنه بإشعال النيران في الجبال حتى يضطروه إلى الخروج، لكنه لم يخرج وفضل الموت محترقا مع والدته. وحدادا على هذا البطل الذي اختار الموت على المنصب الرفيع، صار الناس يمتنعون في ذكراه عن إيقاد النيران فيأكلون أطعمتهم باردة. وفي عهد أسرتي مينغ وتشينغ الملكيتين، أصبح هذا اليوم مناسبة تقليدية لتقديم الولاء للأسلاف وزيارة أفراد العائلة الضرائح.
هناك العديد من العادات الشعبية في الصين وذلك منذ زمن بعيد. قد صور شعر مكتوب في عهد أسرة سونغ الملكية (960-1279) العادات المألوفة عند الصينيين في عيد تشينغ مينغ، بأنها مناسبة يزور فيها الناس بتتابع الضرائح الكثيرة على قمم الجبال الجنوبية والشمالية لتقديم القرابين. ويتطاير رماد الأوراق النذور في السماء كأسراب من الفراش الأبيض المحلّق، ويذرف الناس دموعهم ودمائهم مثل الوقواق الأحمر.
و لم يقتصر الناس على حرق أوراق النذور فحسب، بل كانوا يقدمون عشرة أطباق كبيرة من الأطعمة إلى الضرائح أيضا. كما ظلت زيارة الضرائح عادة شعبية وظلت مستمرة حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الآن بعض المنظمات والمجموعات بزيارات جماعية لضرائح الشهداء. وعندما يحل عيد تشينغ مينغ، يتوافد الناس إلى مقابر الشهداء الثوريين حيث يقدمون لها باقات زهور أو أكاليل زهور أو أشجار صنوبر أو سرو، تعبيرين عن حزنهم على الشهداء.
كما اعتاد الناس خلال العهود القديمة بقيام نزهة لقطف القرملة، وما زالت هذه العادة مستمرة حتى الآن. وبمناسبة حلول عيد تشينغ مينغ، تقوم الفتيات والنساء بنزهة ربيعية حيث يقطفن بعض البقول البرية الطازجة ويجلبنها إلى بيوتهن لإعداد الأطعمة، وإنها تتمتع بطعم لذيذ ورائحة شهية ونكهة خاصة. كما انتشرت بعض العادات الأخرى مثل تطيير الطيارات الورقية بهذه المناسبة.
كما يعتبر فسل أغصان الصفصاف وغرس الأشجار أنشطة مألوفة بمناسبة عيد تشينغ مينغ خلال العهود القديمة. ويوجد في الأشعار القديمة بيتان يقولان: أشجار الحور والصفصاف الخضراء في كل أنحاء الشوارع تشبه الضباب وترسم الخطوط الكبرى للطبيعة بمناسبة عيد تشينغ مينغ في الشهر الثالث حسب التقويم القمري الصيني.
إذن، لماذا يسمى هذا العيد بعيد تشينغ مينغ؟ في الحقيقة، كلما حل هذا العيد، رفعت الطبيعة ستار الربيع، حيث يبدأ النسيم العليل إرسال دفئ لطيف وتنمو الأعشاب الطرية بصورة نشيطة قوية وتغمر مباهج الربيع الدنيا، وربما هذا هو معنى “تشينغ مينغ”. ويصادف عيد تشينغ مينغ بالضبط الموسم الممتاز للزراعة والبذر الربيعي. وتتحدث كثير من الأمثال الزراعية عن الأعمال الزراعية بمناسبة عيد تشينغ مينغ، مثلا: “يتعين زراعة البطيخ والفول بمناسبة حلول عيد تشينغ مينغ.” و”لا تغرس الأشجار متأخرا بعد عيد تشينغ مينغ.”
هناك كثير من الأطعمة المتنوعة بأنحاء الصين، فيما يخص أطعمة ومشروبات عيد تشينغ مينغ.
بسبب ارتباط عيد المأكولات الشتوية وعيد تشينغ مينغ، فإن بعض المناطق حافظت عادة على أكل طعام بارد فى عيد تشينغ مينغ. ففى بلدية جى موه بمقاطعة شان دونغ، يأكل الناس بيض الدجاج والفطير البارد، أما فى بلدية لاى يانغ وجاو يوان وتشانغ داو، يفضل الناس أكل البيض وأرز جاو ليانغ، ويقال إن لم يفعلوا ذلك يتعرضوا لسقوط كرات البرد. وفى تاى آن يأكل الناس فطيرة مقلية باردة ، ويقال إن ذلك يُجلى العين ويُحسن النظر. أما فى قطاع جين جونغ فيلزم الناس بعدم إشعال النار فى اليوم السابق من عيد تشينغ مينغ.
وأثناء الاحتفال بعيد تشينغ مينغ بمدينة شانغهاى، من المعتاد أن يأكل الأبناء “تشينغ توان”. ويتم خلط عصير الخضروات مع الأرز الدبق، فتكون خضراء اللون عندما تخرج من البخار، ورائحتها تعبق الأنف، وهى من أهم عادات الطعام في هذا العيد بشانغهاى.
معلومات جميلة وقيمة للتعرف على الثقافة والتقاليد الصينيةوخاصة للمقيمين في الصين من العرب وغيرهمز