2024-10-07

شينخوا :التنمر الشبيه بالقرصنة لا ينتج عنه سوى تعميق عيوب مصداقية واشنطن

يتعين على صانعي القرار في واشنطن أن يدركوا أن الإفراط في التنمر الشبيه بالقرصنة لن يؤدي إلا إلى إبعاد البلاد عن المعايير والشركاء الدوليين، وتدهور بيئة الأعمال فيها، وإبعاد الاستثمار الأجنبي. أخيرا، فإن إجراءات كسر الثقة هذه محكوم عليها بالارتداد

بكين: شينخوا

 متذرعة بما يسمى بمخاوف الأمن القومي، أعلنت واشنطن يوم الخميس المنصرم حظرا مزمعا على التعامل مع المالكين الصينيين للتطبيقين الشهيرين “تيك توك” و”ويتشات”، في حين أعادت في نفس اليوم فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على صادرات الألومنيوم الكندية إلى الولايات المتحدة.

لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه في كل مرة أساءت فيها واشنطن استخدام ذريعة الأمن القومي لمهاجمة صناعات أو شركات أجنبية، فإن ذلك يكشف في الواقع عن إفراط الحكومة في استخدام الحمائية والهيمنة والتنمر، وهو ما يشبه “القرصنة الحديثة”، كما قال مسؤول ألماني.

كلما سعت الإدارة الأمريكية الحالية إلى احتواء تأثير التكنولوجي المتزايد للصين أو الدفاع عن الصناعة الأمريكية من المنافسة، تذرعت بشواغل الأمن القومي دون أدلة ملموسة، واضعة بلا ضمير أي منافس أو متحد في مرمى التعرض لعقوبة من قبيل الغرامة أو الحظر أو العقوبات.

وفي معظم الحالات، فإن ما يسمى بشواغل الأمن القومي الأمريكي هي نزاعات اقتصادية أو تجارية عادية يمكن حلها بشكل معقول من خلال المفاوضات الثنائية أو متعددة الأطراف. ومع ذلك، أصبحت واشنطن مهووسة الآن باستعراض عضلاتها، بغض النظر عن الإضرار بالشراكات أو انتهاك مبادئ السوق والمعايير الدولية.

فمن الصين واليابان في آسيا، وألمانيا في أوروبا، والبرازيل والأرجنتين في أمريكا اللاتينية، عانت مجموعة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة من عقوبات جمركية أو اتفاقيات غير عادلة تميل نحو بعض المصالح الأمريكية قصيرة الأجل.

وما برحت مجموعة من الساسة في واشنطن مرارا وتكرارا تثبت أن روح المبادرة الحرة والمنافسة العادلة التي يزعمون أنها تتبناها ليست أكثر من كذبة.

لن ينخدع المجتمع الدولي بالتنمر الشبيه بالقرصنة الممارس تحت ستار الأمن القومي. وحتى حلفاء الولايات المتحدة احتجوا على هذه الحيل الصفيقة.

ووصفت نائبة رئيس الوزراء الكندي كريستيا فريلاند قرار فرض التعريفة الجمركية الأمريكية لأسباب تتعلق بالأمن القومي بأنه “غير ضروري وغير مبرر وغير مقبول على الإطلاق”، مضيفة أن “هذا مفهوم سخيف”.

في واقع الأمر، أصبح حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك كندا والدول الأوروبية، متوترين بشأن الحمائية الأمريكية الأخيرة.

في مايو 2019، عندما رفعت واشنطن الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الكندي، قالت فريلاند إن “الحقيقة هي أن هذه الإدارة الأمريكية حمائية بشكل علني وصريح ومتكبر”، مذكّرة الصناعة المحلية بضرورة البقاء يقظة بشأن القوة العظمى المجاورة.

في أكتوبر 2019، عندما فرضت واشنطن رسوما جمركية بقيمة 7.5 مليار دولار أمريكي على الجبن والزيتون والويسكي من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن الطائرات والمروحيات وقطع غيار الطائرات بذريعة الأمن القومي، لفت الأوروبيون إلى أن هذه الإجراءات كانت حمائية وانتهاكا لقواعد التجارة العالمية.

إن الاستخدام المتكرر للأمن القومي من قبل الولايات المتحدة لتغطية “قرصنتها الحديثة” لا يقلل فقط من مصداقيتها في أعين الدول الأخرى بما في ذلك حلفائها، بل يعيق أيضا مصالحها الخاصة.

وقال مايرون بريليانت، نائب الرئيس التنفيذي لغرفة التجارة الأمريكية، في بيان إن “هذه التعريفات سترفع التكاليف على الشركات المصنعة الأمريكية، ويعارضها معظم منتجي الألمنيوم الأمريكيين، وستثير ردا انتقاميا ضد الصادرات الأمريكية — تماما كما جرى من قبل”.

في الوقت نفسه، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن “كندا ستفرض إجراءات مضادة تشمل تعريفات انتقامية مماثلة للقيمة الدولارية”.

وقالت شركة ((بايت دانس))، الشركة الأم لتطبيق “تيك توك”، يوم الجمعة في بيان إن حظر واشنطن للتطبيق الشهير قد خلق سابقة خطيرة تنتهك حرية التعبير ومبدأ السوق المفتوحة، وستسعى إلى “التماس جميع سبل الإنصاف المتاحة … إن لم يكن من خلال الإدارة، فمن خلال المحاكم الأمريكية”.

يتعين على صانعي القرار في واشنطن أن يدركوا أن الإفراط في التنمر الشبيه بالقرصنة لن يؤدي إلا إلى إبعاد البلاد عن المعايير والشركاء الدوليين، وتدهور بيئة الأعمال فيها، وإبعاد الاستثمار الأجنبي. أخيرا، فإن إجراءات كسر الثقة هذه محكوم عليها بالارتداد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *