حفظة السلم .. الصين تصنع السلام حول العالم عبر العمليات الاممية
جلب 40 ألفا من أصحاب “الخوذ الزرقاء” الصينيين السلام إلى الدول والمناطق المتضررة من النزاع في 25 عملية سلام تابعة للأمم المتحدة على مدار الثلاثين عاما الماضية.. اصبحت الصين إحدى أهم الدول التي تدعم السلام والأمن العالميين بحزم ودون تردد
الأمم المتحدة:المشهد الصيني
تم بالفعل إرسال حوالي 40 ألفا من أصحاب “الخوذ الزرقاء” الصينيين إلى الدول والمناطق المتضررة من النزاع في 25 عملية سلام تابعة للأمم المتحدة على مدار الثلاثين عاما الماضية، مما يجعل الصين إحدى أهم الدول التي تدعم السلام والأمن العالميين بحزم ودون تردد.
ويعود تاريخ، المرة الأولى التي تنضم فيها الصين إلى عملية سلام تابعة للأمم المتحدة، إلى إبريل 1990 عن طريق إرسال خمسة مراقبين إلى هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في الشرق الأوسط. ومع مرور ثلاثة عقود، فإن العدد “خمسة” بات يمثل تاريخا.
لقد تطورت “الخطوة الصغيرة” التي اتخذتها الصين منذ 30 عاما، وهي واحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إلى “قفزة عملاقة”، ليس نظرا للعدد الكبير من قوات حفظ السلام الصينية التي تخدم تحت علم الأمم المتحدة فحسب، بل أيضا للدعم المالي السخي وغير الأناني الذي تقدمه البلاد لعمليات الأمم المتحدة للسلام.
وما ساهم به حفظة السلام الصينيون في إحلال السلام والأمن في هذا الكوكب قد نال إشادة المجتمع العالمي.
— تقرير أداء ممتاز
وقامت 30 عاما من التفاني والتضحية من قبل جنود قوات حفظ السلام الصينية، واحدة تلو الأخرى، بإضافة درجات مهمة إلى “تقرير الأداء”.
لقد قاموا ببناء وإصلاح قرابة 15 ألف كيلومتر من الطرق وأكثر من 300 جسر، وإزالة أكثر من 10 آلاف لغم أرضي وذخائر غير منفجرة. وقد نقلوا أكثر من 1.3 مليون طن من مختلف المواد والمعدات، عبر مسافة إجمالية تزيد عن 13 مليون كيلومتر.
كما عالجوا أكثر من 200 ألف مريض وأكملوا العديد من الدوريات البعيدة والقصيرة والترفيق المسلح.
وقدم الأبطال الذين ضحوا بحيواتهم الشابة “تقرير الأداء” الأكثر سموا. وحتى الآن، جاد 15 من جنود حفظ السلام الصينيين ببذل حيواتهم من أجل قضية السلام العالمي.
في 2 يونيو 2016، روت الأمم المتحدة على موقعها على الإنترنت قصة شين ليانغ ليانغ، وهو رقيب أول يبلغ من العمر 29 عاما، قُتل في هجوم إرهابي في 31 مايو 2016، في بلدة غاو شمال مالي، عندما انفجرت عبوة ناسفة مرتجلة محمولة على مركبة في معسكر تابع للأمم المتحدة.
وخلال هجوم غير متوقع، أنقذ شين جنديا زميلا له على حساب حياته الخاصة. وتم تكريم شين لاحقا كشهيد ومنحه وسام الجدارة من الدرجة الأولى.
وذكر مركز شؤون حفظ السلام بوزارة الدفاع الوطني الصينية أنه في مواجهة التحدي الهائل الذي يشكله وباء كوفيد-19، فإن قوات حفظ السلام الصينية تقدم، في الوقت الذي تضمن فيه “صفر إصابات” بين صفوفها، بنشاط تجربة الصين الناجحة في الوقاية من الوباء إلى قوات حفظ السلام من الدول الأخرى.
وقال “لقد أوفوا بوعدهم بحمل الالتزام الأخلاقي على كتف حديدي ودعم السلام بسلاح في الأيدي وأظهروا مسؤولية الصين كقوة كبرى في الحفاظ على السلام العالمي”.
— الإغداق بالثناء
بفضل انضباطهم الذاتي الصارم، وعملهم الجاد وعالي الجودة، وسجل “عدم انتهاك الانضباط وعدم الإعادة إلى الوطن”، مُنح جميع حفظة السلام الصينيين ميداليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وقد مُنحت ميدالية داغ همرشولد، وهي أعلى ميدالية لحفظة السلام الأمميين، بعد الوفاة لجميع جنود حفظ السلام الصينيين الذين فارقوا الحياة بعمر مبكر في عمليات خطرة. وبالإضافة إلى ذلك، منحت بعض بعثات حفظ السلام جنود حفظ السلام الصينيين جوائز أخرى لهندسة الجودة وغيرها من عروض الأداء المتميزة.
عندما اجتاح فيروس الإيبولا جميع أنحاء أفريقيا في 2014-2015، قام جنود مفرزة هندسية تابعة لقوات حفظ السلام الصينية لدى ليبيريا ببناء مستمر لمدة 28 يوما على الرغم من خطر الإصابة بالعدوى وبنوا مركز تشخيص وعلاج للإيبولا، وهو برنامج مساعدات من الصين إلى ليبيريا، قبل الموعد المحدد بأكثر من 30 يوما.
وفي مارس 2017، اندلعت نزاعات مسلحة شديدة في يي، وهي بلدة حدودية في جنوب السودان، وحوصر سبعة من موظفي الأمم المتحدة المدنيين في منطقة النزاع الخطيرة. ولدى علمها بذلك، كلفت كتيبة المشاة الصينية لحفظ السلام 12 جنديا لإنقاذهم.
وعند مشاركتها للمرة الأولى في عملية لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، صدمت هو دان، كبيرة ممرضي المفرزة الطبية الصينية، من الوضع في الدولة التي دمرتها الحرب.
واستذكرت هو دان أن العاملين الطبيين من قوة حفظ السلام الصينية في جمهورية الكونغو الديمقراطية قد عالجوا ذات مرة فتاة تبلغ من العمر 19 عاما عضها فرس النهر، وكانت مصابة بالتهابات في ساقيها عندما طلبت مساعدتهم الطبية. لقد بذلوا قصارى جهدهم لإنقاذ الفتاة التي لحسن الحظ نجت من ذلك.
وقالت هو دان، بعد رؤيتها الفقر والجوع والمرض والاضطراب الناجم عن الحرب بأم عينيها، إنها تريد “أن تجلب الأمل بالسلام إلى الناس هناك بحبها”.
من مالي وجنوب السودان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيريا، فإن مثل هذه القصص حدثت بين الحين والآخر أينما تمركز أفراد حفظ السلام الصينيون.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للدعم الميداني أتول كهاري إن الصين ليست عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي فحسب، ولكنها أيضا دولة مساهمة كبرى بقوات وثاني أكبر مساهم مالي في ميزانية حفظ السلام، مضيفا أن الصين فقط التي تتحمل هذه المسؤوليات الثلاث المجيدة في نفس الوقت.
وفي ديسمبر 2018، تم رفع حصة الصين من ميزانية الأمم المتحدة لحفظ السلام للفترة 2019-2021 من 10.24 في المائة إلى 15.22 في المائة، مما يجعلها ثاني أكبر مساهم فقط بعد الولايات المتحدة.
— المزيد من المضي قدما
على مدى السنوات الثلاثين الماضية، ترك حفظة السلام الصينيون سلسلة من الآثار الصلبة في رحلتهم لحماية السلام والأمن العالميين.
وفي سبتمبر 2015، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة الأمم المتحدة لحفظ السلام بأن الصين ستأخذ زمام المبادرة في تشكيل فرقة شرطة دائمة لحفظ السلام، وبناء قوة احتياطية لحفظ السلام قوامها 8 آلاف جندي، وتقديم مساعدات عسكرية مجانية بقيمة 100 مليون دولار أمريكي إلى الاتحاد الأفريقي، حيث أن أفريقيا لديها أكبر احتياجات حفظ السلام.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام جان-بيير لاكروا لوكالة أنباء ((شينخوا))، قبل يوم واحد من اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة الذي يوافق 29 مايو، إن “قوات حفظ السلام الصينية – المدنية والعسكرية والشرطة – لعبت دورا قيما في العديد من عمليات الأمم المتحدة على مدار الثلاثين عاما الماضية، وأثني عليها لخدمتها تحت العلم الأزرق”.
وقال لاكروا “أعرب عن امتناني لجميع قوات حفظ السلام الصينية في الماضي والحاضر”.
وقال تشانغ جيون، الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، إن عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة هي تدابير مهمة لحماية السلام والأمن الدوليين، مضيفا أنها تنشأ وتتكيف مع الأوقات المتغيرة.
وأوضح أنه في الوقت الذي يصادف فيه هذا العام الذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة، دخلت مبادرة “العمل من أجل حفظ السلام” التي طرحها الأمين العام أنطونيو غوتيريش مرحلة حاسمة من التنفيذ، كما أن عمليات حفظ السلام في نقطة انطلاق جديدة.
وفي الوقت الحالي، يقوم أكثر من 2500 من حفظة السلام الصينيين بمهام حفظ السلام في تسع مناطق للبعثات، مع توقعات بانضمام المزيد من الشباب والشابات الصينيين إليهم.