العلاقات السودانية الصينية- منظور اقتصادي (3 من 3) د/ عادل عبد العزيز الفكي
خص الخبير الاقتصادي المرموق د.عادل عبدالعزيز الفكي ( المشهد الصيني ) بدراسة معمقة عن العلاقات السودانية الصينية من منظور اقتصادي.. سكب د. عادل معرفته المعمقة وخبرته الممتدة .. وبريشة الفنان ومبضع الجراح يضع د.عادل السياق الاقتصادي للسودان ويقترح الحلول برؤية كلية مقرونة بالتفاصيل لوضع الاقتصادي السوداني على صراط التنمية القويم

العلاقات السودانية الصينية- منظور اقتصادي (3 من 3)
د/ عادل عبد العزيز الفكي
السياحة الصينية في السودان
مع انحسار وباء كورونا المتوقع خلال أشهر معدودة فإن السياحة من الصين للدول الأخرى يتوقع أن تتضاعف. حسب الاتفاق الذي تم توقيعه ما بين وزارة السياحة الاتحادية مع الحكومة الصينية خلال العام 2016 لجذب حركة السياحة الصينية للسودان فقد قامت الحكومة الصينية بإرسال كشف بعدد 3231 وكالة صينية مؤهلة وتعمل في مجال التفويج السياحي، بالمقابل فتحت وزارة السياحة بالسودان الباب لتأهيل واختيار وكالات سفر وسياحة سودانية للعمل وفق الاتفاق الموقع مع الوكالات الصينية، وتم تأهيل عدد 38 وكالة سودانية لاستقبال الأفواج الصينية السياحية.
عدد السياح الصينيين يقدر سنويا ب 60 مليون سائح يجوبون العالم، وتعتبر الصين من أكبر الدولة المصدرة للسياحة، وتأتي في المرتبة الثالثة عالمياً بعد الولايات المتحدة واليابان. الفرصة متاحة الآن للسودان للإستفادة من فرصة هائلة لإستقطاب ما لا يقل عن مليون سائح صيني سنوياً يمكن أن يحققوا للبلاد حوالي مليار دولار. وبهذا يحدث نوع من التوازن في الميزان التجاري بيننا والصين والذي يميل بشدة الآن لصالح الصين. وفي حالة استخدام اليوان الصيني في التعاملات فإن السياحة في السودان سوف تعتبر بالنسبة للصين كالسياحة الداخلية، ولكنها بالنسبة للسودان سوف تنشط قطاع السياحة والخدمات المساندة له ويستفيد من ذلك ملايين السودانيين.
تشغيل الشباب والصناعات الصغيرة
على الرغم من حدوث
تغيير كبير في السودان بذهاب نظام المؤتمر الوطني في ابريل 2019 إلا أن المعاناة
الاقتصادية واستمرارها خلقت احتقاناً سياسياً في السودان، وجعلت مجموعات مقدرة من
الشباب تعبر عن سخطها بالتظاهرات والمسيرات المستمرة. المعاناة الاقتصادية تتمثل
في الغلاء الطاحن، وصفوف الخبز، والوقود، وغاز الطبخ، كمظاهر لأزمة إقتصادية ناجمة
عن جمود الاقتصاد، وما يترتب على جمود الاقتصاد من آثار، أبرزها ضيق فرص العمل،
وضعف الدخول، وتدني الإنتاج.
المعاناة الاقتصادية بمظاهرها المختلفة أكثر من يعاني منها في السودان هم فئة الشباب، لأنهم ببساطة هم غالبية الشعب السوداني، 72% من سكان السودان أعمارهم أقل من 49 سنة، يرغبون في العمل، وإعالة أسرهم، والزواج وتكوين أسر كحق طبيعي لهم.
من الضروري وضع برنامج اقتصادي عاجل يستهدف تحريك جمود الاقتصاد، من خلال دعم قوي ومنظم للصناعات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، بفتح وتسهيل منح التمويل، والاستفادة من الآليات والمعدات قليلة التكلفة التي تنتجها الصين. معاصر زيوت صغيرة، مصانع سكر صغيرة، تجفيف الخضروات والفواكه بمعدات تعمل بالطاقة الشمسية. وغير هذا من معدات وآليات ذات تقانات بسيطة وإنتاجية عالية في نفس الوقت.
إن الداعم الرئيسي للاقتصاد الآن هو الذهب، وهو مجهود فردي واهلي بنسبة ٩٠%، ويقوم به الشباب الذين يتحركون للصحراء في ظروف صعبة للغاية، وأغلبهم يكرمهم الله فيغتنون، ولكن لعدم وجود رؤية إرشادية يخزنون ما يحصلون عليه من مال بالدولار وبالعملة السودانية، فلا يدخل دورة الاقتصاد، ويسبب مشكلة أوراق النقد في الاقتصاد. علينا طرح الأفكار الجديدة حول الصناعات الصغيرة والمتوسطة لهذه الفئة من الشباب، لجذب المال الذي يكتنزون لدورة الاقتصاد، وبالتالي تحقيق الفائدة للملايين من الشباب بدل أفراد معدودين.
إن تأسيس بورصة الخرطوم للذهب، وعملة التداول الرئيسية فيها تكون اليوان الصيني، تضمن عوائد مقدرة وعادلة للمعدنين الشباب السودانيين الذين يمكنهم فتح حسابات باليوان بالسودان وبالصين، ومن ثم يمكنهم الاستيراد بسهولة من الصين، لتنمو مدخراتهم، ويتحرك جمود الاقتصاد، وتحقق الحكومة إيرادات هامة من الضرائب والجمارك.
من الممكن أيضاً تحريك جمود الإقتصاد بفتح مجالات جديدة مثل أنشطة السياحة التي لا تحتاج لانفاق كبير. وبفتح المجال أمام مبادرات وتطبيقات الشباب، فمثلما نجحت (ترحال) في تشغيل آلاف الشباب وتحسين دخولهم، يمكن لتطبيقات مشابهة نشجعها مساعدة آلاف آخرين في التشغيل، وتحسين الدخول.
من خلال إنفاذ التعامل باليوان الصيني في المبادلات التجارية يتصور انفتاح الاقتصاد السوداني على مجالات لا حصر لها مستفيداً من التطور الهائل في الاقتصاد الصيني. على سبيل المثال فإن (علي بابا) أكبر سوق عالمي لمختلف السلع والمعدات والتطبيقات يمكن أن يفتح وخلال أسابيع آلاف الفرص للشباب السوداني في مجالات عمل كثيرة جداً، وبهذا نحرك جمود الاقتصاد خلال فترة وجيزة. والله الموفق.